لا ألوم رئيس مجلس الأمة السابق جاسم الخرافي، إذا قال مخاطبا المواطنين بكل ثقة «ما فيه حكومة منتخبة»، أو على الأقل لن تحصلوا عليها «مادام رأسي يشم الهوا»، رغم أنه دستوريا ليس معنيا بقضية الحكومة المنتخبة، فهو ليس أحد أفراد الأسرة الحاكمة، إلا إذا كانت الخيوط الاجتماعية تجعله جزءا من تلك الأسرة، ويصبح له الحق في التحدث باسمها، وربما يستطيع أن يقرر ما هو من مصلحتها أو ضدها.
الرئيس السابق الخرافي لطيف المعشر على الصعيد الشخصي، وربما لن تجد أكثر قدرة منه على التواصل مع كل المستويات الاجتماعية، وهي ميزة لا يمتلكها أي كان، وربما يكون غياب تلك الميزة علة الكثير من السياسيين، رغم تميزهم في جوانب أخرى، لكنه يجيدها وقد جنبته السقوط في مآزق كثيرة، ومع ذلك لديه نقطة ضعف تتعلق بعدم قدرته على تقدير متى يتحدث ومتى يصمت.
بوعبدالمحسن «يمون» على رموز البلد ويخاطبه أفراد الأسرة الحاكمة، وبينهم أجنحة لها وزنها في أسرة المبارك نفسها بالعم جاسم الخرافي. وقد حضرت في إحدى المرات سليل شخصية تاريخية في أسرة المبارك يخاطبه قائلا «عمي بوعبدالمحسن»، وهي عبارة لها مؤشرات كثيرة وعميقة ينبغي التوقف عندها مليا،
خاصة أنها لم تحدث طوال تاريخ الأٍسرة الحاكمة.
عندما يتحدث بوعبدالمحسن عن مستقبل الديمقراطية في البلاد وبمثل هذا الحسم، وكأنما هو طرف في معادلة الدستور التي – وفق علمنا – تتضمن طرفين فقط، هما الأسرة الحاكمة ويمثلها سمو أمير البلاد أطال الله في عمره، والشعب الكويتي، ويمثلهم خمسون نائبا في مجلس الأمة، والخرافي ليس أحدهم، فهو تعبير عن أمرين، إما أنه يعيش حالة من «التقمص»، وإما أن هناك من وضع الكلام على لسانه ويبعث بالرسائل في كل تجاه، وكلا الأمرين مؤشر سلبي ولا يخدم الاستقرار.
ربما يكون هناك من يعيش أو يتكسب على خلافات الأسرة الحاكمة وتناقضاتها وصراع بعض أفرادها على المواقع المتقدمة، لكن أي من أولئك لم يتمكن من تجاوز الخطوط الحمر، وظل يدير مثل تلك المكاسب خلف الكواليس، لكنها المرة الأولى التي يتحدى فيها شخص ما رموز وأجنحة في الأسرة، بل وصل الأمر أن «يقط نغزات»، كما نقولها في الدارج المحلي على بعض من أصحاب «الهيبة»، ومع ذلك يصمت أولئك أو يردون ردا باردا على أبعد تقدير، مما يدعونا إلى التساؤل عن ماهية الحالة التي يمر بها مثل ذلك الشخص؟!
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق