عبداللطيف الدعيج: فات القطار

ربما في اعتقادي كثير من المبالغة، لكن هذا لا يمنع من الاعلان عن ان دعوات المصالحة السياسية الحالية لا معنى لها. لا معنى لها لان ليس عندنا سياسيون ناضجون، ولا معنى لها لانه ليس هناك اطراف محددة، كل يعرف خصمه او على الاقل لديه معرفة به، مطلوب منها ان تتحاور، ولا معنى لها ايضا، لان لا احد من هذه الاطراف لديه رؤية بينة ومعلومات او اعتقاد واضح بما يريد وبما يمكنه تحقيقه. وليس ادل على هذا من «كثرة رفع السقف» عند جماعة المقاطعة، الذين من الواضح انهم يفتقدون ابسط ابجديات البناء التي تتطلب ان ترفع السقف وفقا لمتانة وقوة القاعدة او الاساس.

ربما يكون اشتراط جماعة المقاطعة حل مجلس الامة الحالي والغاء مرسوم الصوت الواحد كبداية للحوار هو اكثر الدلالات على انعدام الكياسة والسياسة عند الجماعة. فالاولى بهم هنا هو رفض مسألة الحوار من الاساس، فهذا يعطيهم مصداقية واحتراما اكثر للخصوم. اما توهم ان بالامكان حل مجلس الامة بعد التقلبات والتراجعات التي مر بها البلد، وبعد ان تعهد صاحب السمو باستمرار المدة الدستورية للمجلس، والتأمل بالغاء مرسوم الصوت الواحد، هكذا، خصوصا بعد ان رفض الجماعة المحاورة او النقاش مع مستشاري الامير الذين طلبوا الحوار اثناء انعقاد المؤتمر الاسيوي، ان توهم ان يحدث اي من هذا هو احلام طفولية ورهانات الخاسرين الذين لا يملكون اصلا ما يراهنون او يتفاوضون عليه.

ان العمل البرلماني للسنوات الاربع المقبلة اصبح شبه محرم على الاغلبية المبطلة ومن سايرهم. لهذا ان شاؤوا مواصلة العمل السياسي، او انهم ما زالوا يعتقدون بان لهم تأثيراً في الوضع، فان المطلوب منهم التفكير خارج مسألة الصوت الواحد وخارج امل حل مجلس الامة والدخول في انتخابات جديدة. وصراحة ليس هناك مجال عمل فعال خارج مجلس الامة. فكما قلنا في البداية ليس لدينا مجاميع سياسية فاعلة، وليس لدى هذه المتواجدة مؤسسات مدنية قادرة على الفعل والعطاء خارج البرلمان. ليس لدينا مجالس محلية او بلدية من الممكن ان توفر بديلا للعمل البرلماني، حتى الجمعيات التعاونية التي كانت يوما مجالا للعمل السياسي تم تصغير شأنها وتحوير عملها واصبحت سبة وعيبا على من يشارك بها.

صراحة لا اجد مجالا على الاطلاق امام الاغلبية المبطلة، وامام المجاميع التي فضلت مقاطعة الانتخابات غير الانتظار للموسم النيابي المقبل. وعندها سيكون عليهم الاذعان للامر والمشاركة بانتخابات الصوت الواحد. الطريق الاخر والامل الوحيد هو تنادي الجميع، كل الاطياف الاجتماعية والسياسية، من اجل تشكيل هيئة او فرقة شعبية عامة تتولى اعداد قانون انتخاب جديد يعرض على مجلس الامة، او بالاحرى يفرض شعبيا من خلال التوافق العام على المجلس لاقراره. غير هذا على جماعة المقاطعة ومن لحق بهم القبول بالامر الواقع وابقاء «الفنايل الى الموسم المقبل مصفطة».

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.