ناصر العبدلي: فزعة لا قناعات

عندما يتحدث د.وليد الطبطبائي أو محمد هايف أو حتى فلاح الصواغ عن الدستور والديمقراطية وانتهاكات وتجاوزات تتربص بهما، أحس بأن هناك خللا ما أو حلقة مفقودة فات العثور عليها في ظل تلك الأجواء المحملة بأجواء الفزعة لا القناعات التي تفرضها على الساحة استحقاقات نضجت وحان قطافها، لولا تدخل بعضهم بمثل ذلك الخطاب الدستوري والديمقراطي .
كان هناك حوار هادئ في أوساط المجتمع حول أهمية تطوير المشروع أو التجربة الديمقراطية – سمّها ما شئت – وكان هناك تمنّع حكومي متوقع، وكانت هناك محاور للإصلاح السياسي يمكن تمرير بعضها وتأجيل البعض الآخر إلى مراحل أكثر نضجا، وكان هناك أيضا شارع لا يمانع كثيرا في أن يرى مؤسسات سياسية قائمة بدلا من الفوضى الحالية، لكن أعداء الديمقراطية والدستور لم يعجبهم الوضع.
الديمقراطية مشروع ليبرالي بحت، ولا يمكن بأي حال من الأحوال سلخه عن جلده وطرحه على أنه مشروع إسلامي لا يتعارض مع الدين وفق مفهوم النواب الذين ذكرتهم، إلا إذا كان الهدف منه استخدام مؤقت يخدم مشروعا مخبأ خلف كل ذلك الصراخ والضجيج، وعندما تستقيم الأمور لمثل ذلك المشروع يجهز على الديمقراطية بكل تفاصيلها ويطرح المشروع الحقيقي.
هي مفارقة غريبة أن يتصدر المشهد الديمقراطي والدستوري أعداء الديمقراطية والدستور الذين كانوا إلى عهد قريب يرون فيه عائقا وسدا أمام بعض الطموحات المحلية والإقليمية، وأن يترك أصحاب المشروع الديمقراطي الساحة لهم ويكتفون بالتفرج على ما يجري، غير قادرين على وضع الأمور في نصابها الصحيح.
من غير الممكن قبول مثل هذا الوضع، ومن غير الممكن أن تتحول الآليات البالية والمتخلفة على الصعيد الاجتماعي حاضنة للتجربة الديمقراطية، فهي على طرفي نقيض معها منذ اليوم الأول لولادتها، ومهما تلونت جلود أعداء التجربة وتغيرت، فإنهم مازالوا يحملون آليات تقويض التجربة ويعملون على قدم وساق لإيصالها إلى نهاية الطريق للتخلص منها بشكل كامل.
الطبطبائي وهايف والصواغ.. من الصعب قبول طروحاتكم عن الديمقراطية والدستور، وإن كانت السلطة ترى فيها خطيئة في مرحلة من المراحل، ليس من المفيد استمرارها، فإنكم كنتم وعبر كل تلك المراحل ترددون مقولة السلطة بشكل أو بآخر وتسيرون في السياق التاريخي نفسه لها، ومن الصعب جدا أن ننخدع بدوركم الجديد، فعلاقتكم والتجربة الديمقراطية أشبه ما تكون عليه علاقة الماء والنار، يطفئ أحدهما الآخر في حال وقع عليه.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.