تتهم المعارضة السياسية في الكويت من تحوّل مؤسسات الدولة، وعلى رأسها السلطتان التشريعية والتنفيذية إلى مرتع للفساد والمفسدين المنتشرين بالمؤسسات الحكومية، في ظل تغييب متعمّد وشبه كامل لإرادة «الأمة»، وأحسب أن جزءاً كبيراً من تلك التهمة صحيح، ونراها ويراها الناس بأمّ أعينهم يومياً، إذ للأسف الشديد ينظر الكثير من أصحاب النفوذ ممن وصل إلى رأس هرم المؤسسات الحكومية وخارجها على أنها مواقع للاستفادة الخاصة ولتنفيع المقربين حزبيا أو قبيلياً أو طائفياً أو عائلياً على حساب المصلحة العامة.
ولكن نتساءل هل المعارضة السياسية بريئة من تورطها في الحال المزري الذي وصلت إليه الكويت اليوم؟! وهل هي فعلا من يسعى لإصلاح الأوضاع وإعادة الأمور لنصابها الصحيح؟! الجواب جزماً وبلا تردد هو لا.. وألف لا.
فأغلب رموز المعارضة السياسية هم من ساهم بفاعلية في انتشار الفساد الإداري، وهم من اقتات على أمراض الواسطات والمحسوبيات وتمرير المعاملات غير المستحقة، وإيصال الشخصيات غير الأمينة وغير النزيهة على حساب الكفاءات المهنية والخبرات الإدارية.
نعم.. نقولها صراحة إن أغلب رموز المعارضة لهم الدور الأكبر في سرقة أراضي الدولة، والمنطقة الحرة وهيئة الزراعة وهيئة الصناعة تشهد على ذلك! وفي تهريب اللحوم الفاسدة لبيعها على الناس من أموال السحت الحرام، وقرارات وزير البلدية السابق بمنع بعض من انكشف أمره تشهد على ذلك! وفي تعيين أسماء يتم اختيارها لأسباب حزبية، والتعيينات النفطية طيلة السنوات الخمس الماضية تشهد على ذلك أيضاً! وهناك منهم من ربح حق تنفيذ مشاريع كبرى من الحكومة بطرق ملتوية تخالف القانون، ولجنة المناقصات تشهد على ذلك! بل ما خفي أعظم وأدهى.
المعارضة السياسية هي من ضربت الدستور عرض الحائط وانتهكت قوانين الدولة حين اقتحمت مجلس الأمة في يوم أسود داكن، وحين نجح بعضهم من خلال انتخابات فرعية مجرمة قانونا ومنبوذة عرفاً وسط سكوت البقية عن تلك الجرائم في حق الكويت وأهلها.
المعارضة السياسية هي من أغرق البلاد في الفتنة الطائفية، وهي من ذبحت كل الحلول في مشرحة مجلس الأمة طيلة السنوات السبع الماضية بتبرير المحاسبة المالية وإيقاف نزيف الهدر! وهي من عطلت مشاريع التنمية بسرقتها لوقت المجلس وتضييعها لجهود نوابه من خلال إشغالهم بعشرات الاستجوابات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، إلا اللهم ذروة المبتغى منها هو إبعاد فاسد ليأتي آخر في لعبة الكراسي الموسيقية التي مل الشعب وضجر منها.
المعارضة السياسية هي من أحبط الناس عبر أدائهم الباهت وخطابهم الضعيف الذي أدى إلى شق الصف الوطني وتمزيق الناس كل وفق ملته وأصله ولونه ومذهبه، وهي من وتّر العلاقة مع دول الجوار، وبدلاً من تتأسس العلاقة الخارجية بيننا وبينهم على تعزيز التعاون الاقتصادي والاجتماعي والسياسي،قامت – للأسف – رموز المعارضة بإشاعة خطاب الحقد والكراهية بلغة عنصرية وطائفية بغيضة لتجعل بلادنا تمر في محنة أمنية حقيقية مع الجميع تقريباً!
المعارضة السياسية للأسف الشديد هي من ساهمت مساهمة فاعلة في إشاعة الفساد وشوّهت ثقافة المساءلة وقتلت العنفوان والاندفاع الإيجابي لدى شباب الحراك الشعبي تحت مفهوم جشع المصادرة، فبات الشباب اليوم يعانون الأمرّين، حكومة فاسدة تمارس ضدهم العنف المرفوض شرعا وقانونا وأخلاقا، وبين شخصيات لها «رمزية» وهمية تريد أن تستفيد من هذا الواقع المأساوي لتصادر الكبينة الأولى من قطار الإصلاح فتصل به إلى مبتغياتها التي أجزم بأنها ضيقة الأفق ولا تمثل الشعب الكويتي الضحية.
وأخيرا نقولها بصراحة إن كانت الحكومة فاسدة – وهي كذلك – فأنتم أيها الرموز في المعارضة من خطف العمل الإصلاحي فقتله، وأنتم من صادر إرادة الناس وأماتها وأنتم من سلب وعي الأمة، فانحرف بها، لذا لا مكان لكم في قاموس الأمانة والنزاهة بل أنتم شركاء الفساد في الكويت!
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق