الحكومة منذ زمن طويل تركت الحبل على القارب أو «الغارب» فهما سيان ويؤديان نفس المعنى، فبالأمس منحت عددا من المواطنين قسائم صناعية في منطقة الشويخ من أجل إقامة مصانع عليها أو حرف بسيطة مثل «الحدادة والنجارة» لكن فجأة تحولت تلك القسائم الصناعية إلى مجمعات تجارية وأسواق ضخمة تحت نظر وسمع الحكومة، إن لم يكن ذلك بتحريض منها، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل سمحت بتداول مثل تلك القسائم الخدمية في أسواق العقار.
وبالأمس كذلك رعت الحكومة وشاركت في التعدي على الساحل الممتد من السعودية جنوبا حتى العراق شمالا، باستثناء بعض المناطق في العاصمة، ليتحول الساحل إلى ملك خاص لعدد قليل من المواطنين خدمهم الحظ ورعاية الحكومة، في حين السواد الأعظم من المواطنين لا يستطيعون التمتع بالشاطئ وكأنما هم مواطنون من الدرجة الثانية فيما أولئك الذين يملكون «الشاليهات» مواطنون من الدرجة الأولى.
اليوم وزعت الحكومة مئات بل آلاف القسائم على شكل حظائر للمواشي في منطقة كبد تحت ذريعة أن هناك مواطنين يمتلكون مواشي ولا يستطيعون التنقل بها داخل الصحراء لأسباب كثيرة، كما كان يحدث خلال السنوات الماضية، تحولت مع مرور الأيام إلى منتجعات وفلل وربما تتحول مستقبلا إلى مجمعات تجارية مع أن التراخيص الممنوحة لها تشير إلى أنها «جواخير» للماشية وبعضهم لا يمتلك ماشية بل تمكن من «تسليك» أموره.
كل يوم تكون هناك بدعة حكومية تنهب خلالها أملاك الدولة، تارة تحت مسمى نوادي الصيد والفروسية، وتارة تحت مسمى تربية الخيول، وثالثة تحت مسمى الأمن الزراعي، ورابعة لإنتاج العسل، وربما تطرح غدا مسميات جديدة لنهب أراض جديدة من دون أن تكون هناك مراجعة حقيقية للحاجات وترتيبا يضمن عدم العبث بمثل تلك الأملاك وضمان أن تكون الاستفادة منها في مسارها الصحيح.
الحكومة مسؤولة عن هذا العبث، وإذا أرادت فعلا أن ينتظم الجميع في إطار القانون فعليها أن تفتح كل تلك الملفات وتجد لها علاجا دائما يضمن ألا يتحول المال العام إلى وسيلة لاسترضاء الناس على حساب القانون وعلى حساب حق الآخرين. فنحن اليوم نرى في عدم إسقاط القروض وفوائدها على عدد من المواطنين عدالة، وهناك من يريد تعويضنا من المال العام بألف لكل مواطن استمرارا لسياسة العبث، لكن ماذا عن العدالة في قضية القسائم الصناعية والشاليهات والجواخير، أليس من العدالة سحبها وتنظيمها من جديد؟
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق