من المعروف أن هناك عدة عوامل تتحكم في أسعار بيع النفط الخام، وتذبذب أسعاره بين الشرق والغرب من الكرة الأرضية، من بينها عوامل أساسية مثل العرض والطلب ومنافسة البدائل الأخرى مثل الغاز والطاقة النووية والشمسية وغيرها، وعوامل ثانوية مثل تكاليف الشحن والنقل، سواء عبر ناقلات النفط أو شبكة أنابيب محلية ودولية، إضافة إلى تكاليف التأمين بمختلف أنواعه.
تقيم أسعار النفط عادة وفق نشرات عالمية متفق عليها، مثل بلاتس وارجز PLATTS.ARGUS، ويكون مرجعها نفط قياس مثل نفط خام برنت ونفط دبي وعمان ونفط وست تكساس الأميركي، تؤخذ كمؤشرات تقاس عليها مختلف النفوط العالمية، من بينها النفط الخام الكويتي، وفق معايير الجودة والنوعية ونسبة محتواها من الماء والأملاح والكبريت، وكلها تؤثر في السعر النهائي للنفط الخام عند توقيع عقود البيع الفورية أو الآجلة.
النفط الخام الكويتي كان يباع في الستينيات وبداية السبعينيات بحدود 1.50 – 3.00 دولارات لكل برميل، وكانت تكلفة إنتاجه لا تزيد على 15 سنتا أميركيا للبرميل الواحد، وبعد حرب أكتوبر كانت هناك طفرة في أسعار النفط، وبيع النفط بأكثر من 15 دولارا حتى وصلت إلى 30 دولاراً أميركياً بسقوط شاه إيران، وتواصل ارتفاع الأسعار والانخفاض بين حروب الخليج العربي والأزمات الاقتصادية العالمية، حتى وصل النفط الخام الكويتي الى 8 دولارات في عام 1986، وسجل رقما قياسيا عام 2008، عندما وصل إلى 138 دولاراً للبرميل الواحد.
فترة ما قبل الغزو العراقي كان النفط الخام الكويتي يباع على أساس API 31، كمؤشر للكثافة النوعية، أما بعد الغزو فانخفضت تلك الكثافة نصف درجة، ليصبح النفط الخام الكويتي يباع على أساس API 30.5 رغم تحسين شركة نفط الكويت قدراتها على الإنتاج، واستخدام أجهزة متطورة لعزل الماء والشوائب الأخرى، وتحديث أجهزة القياس والفحص، كي تحافظ على الكثافة النوعية المعروفة للنفط الخام الكويتي المصدر دولياً (KEC).
إن أي تغيير في الكثافة النوعية API يعادل 0.1% يكلف الدولة خسارة مادية لا تقل عن 3 ملايين دولار أميركي سنويا، على اعتبار إنتاج الكويت الكلي هو 3 ملايين برميل يوميا، كما أن تزايد أعداد مشاريع الاستكشاف والإنتاج والإنتاج المبكر، وتوسعة مراكز التجميع وأرصفة وموانئ التصدير، إضافة إلى زيادة المناقصات الباهظة والعقود الاستشارية وكثرة تغيير الأوامر الإجرائية بشكل كبير، لاشك سيزيد كلفة إنتاج النفط الخام الكويتي للسنوات القادمة ما بين 15 و20 دولارا أميركيا، دون أن نلحظ أي زيادة في أرقام المخزون الاستراتيجي للدولة أو الاحتياطات النفطية الكويتية المؤكدة والمحتملة والقابلة للاستخراج أو تحسن في API!
بمعنى آخر فإنه في حال بيع النفط الخام الكويتي بـ100 دولار للبرميل فإن صافي العائد الفعلي لا يزيد على 80 دولارا أميركيا، لذلك على الدولة أن تأخذ في الحسبان كل المحاذير عند حساب رقم الميزانية القادم، فماذا يعني أن تكون الإيرادات عالية، في الوقت ذاته تكون التكاليف عالية بتصاعد دون تقنين أو معالجة للمصروفات النفطية المتزايدة، والدخول في شراكات استراتيجية غير مجدية.
الخلاصة أن هناك ظروفا خارجية تؤثر بأسعار النفط الخام ليس بمقدورنا أن نتحكم فيها حتى من خلال OPEC، وأخرى داخلية يمكننا التحكم فيها لتحسين العوائد النفطية، سواء بيعه خاما أو مشتقات نفطية.
* خبير متخصص في تكرير وتسويق النفط
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق