خالد الجنفاوي: التحريض على الاضطرابات الاجتماعية

“واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون” (آل عمران 103).
التحريض على الاضطرابات الاجتماعية بهدف الحفاظ أطول وقت ممكن على المصالح السياسية الضيقة يتعارض مع متطلبات الأمن والأمان والطمأنينة النفسية التي يستحقها المواطنون الآمنون. فمن يحاول تأجيج الأوضاع المحلية بسبب رفضه الاندماج في المجتمع المدني أو بسبب رغبته في الحصول على تأثير إجتماعي أو سياسي معين ينتهك خصوصيات مواطنيه الآخرين ويتعدى على حقوقهم المدنية وينتهك حقهم في عيش حياة إنسانية سلمية ومثمرة. فمن يسعى عن عمد إلى نشر الاضطرابات والقلق النفسي والتناحر الطبقي أو يحاول إحياء النعرات القبلية أو تأجيج التطرف المذهبي في مجتمعه فقط لأنه لم يعد فاعلاً سياسياً في البيئة المحلية أو لأنه تجاوز المحاذير الاجتماعية التي تتفق عليها أغلبية المواطنين بمختلف توجهاتهم الفكرية, يُضعف الأمن المجتمعي وينشر الفوضى المدمرة في المجتمع, ولا يكترث ولا يبالي بما يحصل بعد ذلك.
وسيؤدي التحريض على الإضطرابات الاجتماعية إلى خلق عراقيل ومعوقات مصطنعة تمنع تحقق حياة يومية هادئة وسلمية ومنظمة للمواطنين الاخرين. فلا ذنب للمواطن المُسالم والملتزم بواجباته وبمسؤولياته المدنية في أن يقع ضحية لمزاجية وأهواء الآخرين. فالعقد الاجتماعي في عالم اليوم يتمثل في قيام كل أعضاء المجتمع بمختلف توجهاتهم الفكرية بالإلتزام بمسؤولياتهم تجاه مجتمعهم وتجاه مواطنيهم الآخرين. ومن هذا المنطلق, فمن يحاول تعطيل الحياة اليومية السلمية والهادفة للاخرين عن طريق تأجيج الجماهير ونشر الفوضى والجدل العقيم والمماحكات العدمية في المجتمع المحلي ربما سيمنع الناس من الإيفاء بواجباتهم ومسؤولياتهم المشروعة تجاه أنفسهم وتجاه مجتمعهم وتجاه وطنهم.
وقياساً على ما يحدث حالياً في مجتمعات معاصرة وديمقراطية, من المفروض مواجهة دعاة الفوضى والتناحر الاجتماعي بحزم وقوة: فلن يُثني من يبدو إمتطوا الاثارة والمبالغة والتشويه المفبرك سوى الحزم والإستمرارية في تطبيق القانون. فالإجراءات الأمنية الضرورية والتي تتخذها الحكومات بهدف الحفاظ على السلم الاجتماعي وحماية الحريات الشخصية لمواطنيها من تدخل ذوي الأجندات الشخصية مشروعة قانونياً وإجتماعياً: فالحكومة مسؤولة عن الحفاظ على الوحدة الوطنية ومسؤولة كذلك عن حماية المواطن العادي من التأثيرات السلبية والقلق النفسي والتي يبثها ويرسخها النهج الفوضوي للبعض القليل. والله المستعان.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.