ليست لدي مشكلة مع جماعة المقاطعة، لكن لدي اعتراضات على بعض ما يطرحون. في الواقع حتى هذا الاعتراض هو اعتراض على كيفية الطرح وعلى المعالجة وليس على الاهداف او النوايا، فغني عن القول ان كل ما يطرح سبق ان طرحته المجاميع السياسية منذ بدايات الوطن وحتى قيام الدولة. لكن عندما يهدد النائب مسلم البراك النقابات «أي نقابة تتقاعس سواء كانت بترولية أو حكومية أو خاصة ولن تأتي غداً للاجتماع بديواني سيكون لنا موقف معها»..! عندما يهددها بهذا الشكل فان من الضروري التوقف عند طبيعة جماعة المقاطعة بشكل اكثر نقدية مما كان يطرح بالامس.
ليس لدى هذه الجماعة اي وعي سياسي، وليس لديها، وخاصة النائب البراك، وبغض النظر عن الطروحات «التقدمية» والديموقراطية التي تروج لها، اي روح ديموقراطية او ايمان انساني او حتى سياسي بادوار وفاعلية الغير، فانت معي او ضدي، وليس لك رأيك الخاص! هذه الجماعة هي التي حاربت الاعلام، وهي التي دعت الى منع الناس من دخول البلد، وهي التي استجوبت اكثر من وزير لانه لم يسكر قنوات الرأي. وهي التي بقيت مشغولة طوال فترة عملها البرلماني بالتوافه من امور، وغضت نظرها تماما عن امر الحريات التي بحت اصواتنا ونحن نوجه نواب الامة الى العناية بها. كل اعضاء مجلس الامة بلا استثناء، مدّعو الوطنية مثل مدعي الشعبية، كانت عيونهم على المال العام اما ينطرونه او يزكونه. اما الحريات وتطوير الانظمة السياسية فكانت محرمة على اعضاء مجلس الامة. قوانين امن الدولة التي تسجن وتعتقل لاتفه الاسباب، او للظنون والشكوك لم تكن امام نواظر نواب الامة فقط، بل تحذيراتنا واعتراضاتنا كانت من المفروض ان تكون دافعا لان تتم اعادة النظر في القوانين المطاطة وتقنينها بشكل قانوني وديموقراطي لائق. لكن الكل كان مشغولا بالمال العام، حماية او توزيعا.
الآن، جماعة المقاطعة الذين كانت آخر انجازاتهم في المجلس الذي تفوقوا فيه، اعدام من يعبر عن رأيه، الان يتنادون للدفاع عن الحريات وللاعتراض على القوانين التي ايّدوها واقروها قبل سنوات. والمؤسف ان يكون الاعتراض الحالي، بغض النظر عن كل دعاويه، اعتراضا قبليا وليس سياسيا. اي اعتراض على سجن الاشخاص، لاشخاصهم، وليس على سجن الرأي او تقييد الفكر وحق الاعتراض، واعتراضا، وهنا المهم، وهو ما يكشف الطبيعة القبلية لحراك هذه الايام اعتراضا على القضاء العادل وليس على القوانين الجائرة. القوانين وللمرة الثانية التي ايدها وطالب بها وشرعها «ديمقراطيو اليوم».
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق