المنبر الديمقراطي هو وريث الحركة الوطنية الممتدة منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى تأسيسه قبل ما يقارب ثلاثة عشر عاما، وهو شئنا أم أبينا الأب الروحي للمشروع الديمقراطي، ورعاه منذ كان جنينا قبل 90 عاما، وهو المعني قبل غيره بتجديد شباب ذلك المشروع كلما أصيب بالشيخوخة وكلما أحس أن هناك خطرا محدقا به، أما تركه للآخرين كما يجري حاليا يعبثون به كما يشاؤون فتلك خطيئة يتحمل مسؤوليتها كل عضو من أعضاء المنبر الديمقراطي.
هناك من استفاد من غياب الحركة الوطنية وامتدادها التاريخي المنبر الديمقراطي وحاول أن يشغل الفراغ الذي تركه مثل ذلك الغياب، لكن الأساس الذي يستند إليه مثل ذلك الطرف لا يعدو أن يكون حزمة من المصالح الضيقة وربما الأساطير البائدة وبضع من مرتكزات التخلف والتردي, ما أدخلنا في انتكاسة سياسية تلو الأخرى وجعلنا في حالة انكشاف أمام بعض النزعات الديكتاتورية داخل السلطة.
لا يمكن أن تكون البضاعة «المضروبة» سلفا بديلا عن المشروع الديمقراطي الليبرالي مهما حاولت تلك البضاعة تجميل نفسها وإظهار مضمونها على غير حقيقته، فالقبيلة لم تكن يوما ما بديلا عن المؤسسة والدولة وإلا ارتددنا إلى حالة ما قبل التاريخ، كما أن التجمعات التي تقوم على آليات غير ديمقراطية تبدأ بإقصاء الآخرين وتنتهي بسلبهم حقوقهم على أساس الجنس والطائفة لا يمكن أن تكون بديلا هي الأخرى عن المؤسسة والدولة وإلا تفسخت مكونات المجتمع إلى شيع وطوائف.
من يرفع شعار الدستور والقانون حاليا خليط من هذا وذاك، ولا يمكن المراهنة على مثل ذلك الخليط في انتشال البلد من كبوته، فهناك حكومة عاجزة عن التقدم خطوة للأمام رغم كل ذلك التشجيع والحماس ممن دعمها خلال الفترة الماضية على اعتبار أنها الرهان الوحيد الذي يمكن أن يجرنا إلى مثل تلك الخطوة، ومن ينشط على الساحة ليس أفضل حالا من الحكومة فهو «ترهيم»، و«تقليد» هو الآخر ولا يمكن أن يكون حلا لحالة الجمود السائدة.
الأجواء تقول إن القانون يجب أن يطبق على الجميع ولا تراجع عن تطبيق القانون مهما كانت التضحيات مؤلمة، وإلا تحول البلد إلى فوضى عارمة سيكون ثمن تجاوزها أكبر بكثير من تطبيق القانون في المرحلة الراهنة، لكنها تقول في الجانب الآخر إن الاستمرار بالصيغة الدستورية القائمة لم يعد ممكنا ولا بد من «تجرع» الحكومة الشعبية وآلياتها, فقد أثبتت السنوات الخمس الماضية أن «المراوحة» هي المصير الوحيد إذا ما أصررنا على المقاربة الحالية بأي ثمن، وربما يكون مثل ذلك الحل هو الحل الوسط الذي تنتظره الساحة منذ وقت طويل.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق