يقول المولى عز وجل “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير”(الحجرات 13). ما يفرق بين الناس في الحياة الدنيا والآخرة هو تقوى الله عز وجل والاستقامة الأخلاقية وفقاً لما تمليه التعاليم الاسلامية السمحة. ولكن “النعرات” والعصبيات القبلية والعنصرية فيها كثير من الأنانية الشخصانية وفيها كثير من الشر على الفرد وعلى المجتمع, وعادة ما تؤدي محاولة إحياء النعرات القبلية في عالم اليوم إلى الفتنة وإلى التفكك الاجتماعي, ما سينتج عنه تشتت الكلمة الوطنية في المجتمع. بل وستؤدي النعرات القبلية إلى زيادة نسبة التطرف وظهور التعنت اللامنطقي ضد من هم مختلفون عرقياً أو مذهبياً. وبالطبع, إحياء النعرات القبلية بهدف الحصول على قدر أكبر من التأثير الاجتماعي أو السياسي في البيئة الديمقراطية والتعددية يتنافى مع مبادئ المساواة والعدل والحقوق المدنية في عالمنا المعاصر, ولكن ما هو أكثر سلبية وتدميراً ان النعرات القبلية تأتي عادة نقيضة للوحدة الوطنية في المجتمع المدني والديمقراطي.
ولقد أنعم الله عز وجل علينا نحن أهل الكويت بوحدة وطنية وتمازج وتماسك إجتماعي يندر تحققهما في مجتمعات أخرى. فنحن شعب متوحد نترابط مع أسرتنا الحاكمة الكريمة ومع مواطنينا الآخرين بصلات القربى والمحبة والتوحد النفسي, فلا مكان بيننا نحن الكويتيين لأي نوع من النعرات والتطرف العرقي أو الثقافي أو المذهبي. فثوابتنا الوطنية نبعت في أساسها من تمازج شرائح المجتمع الكويتي بمختلف أعراقه ومذاهبه وتوجهاته الفكرية. فحري إذاً بمن يحرص على تكريس الوحدة الوطنية في مجتمعه الذي ينتمي إليه البعد كل البعد عن إحياء طرق تفكير وميول ماضوية تتعارض مع وحدة مصيرنا الوطني وتتناقض مع ولاءاتنا الوطنية المتفق عليها من قبل جميع المواطنين الكويتيين.
أكثرنا إخلاصاً لوطنه هو من يكرس التآلف والتوحد الإجتماعي بين المواطنين وليس العكس. فمن يحاول عن عمد ترسيخ المحسوبية القبلية والتنافر الاجتماعي بين شرائح المجتمع أو يحاول أن يفرض على مواطنيه الآخرين أجندات قبلية معينة أو تطرفاً مذهبياً معينا, فهو يرفض ما يحدث من توحد إنساني في مجتمعنا الكويتي, هذا على الأقل ما استوعبه وأدركه كمواطن كويتي يفتخر بهويته الكويتية الوطنية وبانتمائه لمجتمع وطني متوحد: وحدتنا الوطنية الكويتية تكرست عبر الزمن عن طريق ابتعادنا العفوي عن كل ما يشتت كلمتنا أو يضعف وحدتنا الوطنية الفريدة من نوعها. والله المستعان.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق