صباح اليوم، أي يوم.. جريدة بين طيّات صفحاتها، تمتزج رائحة الحبر الأسود بعبق القهوة المرّة، اعتادوا على بعضهما البعض لسنوات، حتى بات الصباح لا يحلو الا بهما معا، فلا صفحات الجريدة تطوى دون كوب القهوة، ولا القهوة نرشفها دون تصفح الجريدة.
جرايد كويتية خمس، كانت تشرق بصباحاتها المحبّرة، على طاولة القهوة، في البيت. الأنباء، القبس، الرأي العام، السياسة، والوطن، الى جانب الطليعة، الشرق الأوسط والحياة اللندنية، الأهرام والأخبار القاهرية. كل جريدة منها، تتفرد عن الأخرى بتوجهها، طريقة صياغتها للأخبار، عرضها للقضايا، وطرح كتّابها. ان تنتقي بين هذه وتلك، كان شيئاً فيه من المتعة، بقدر ما فيه من المفارقات.
صباحات الجريدة، سنة بعد سنة، أصبحت شغفاً، رافقني دربي لسنوات من حبر وورق، تلقيت فيها مبادئ تحرير المواد الخبرية، كيفية صياغة الخبر، اعداد التحقيقات، كتابة المقالات، تأثير الرأي العام، أخلاقيات الصحافي، قوانين الصحافة وتشريعاتها، مروراً بالتصوير الصحافي، وحتى اخراج صفحات الجريدة.
الصحافة، اعتمدت دراستها في أيامنا، بشقيها النظري والعملي، على الصحافة الكلاسيكية، اي الصحافة الورقية المكتوبة، التي لها ما يخصها من قوانين. اما اليوم، في ظل تطورات ما يسمى بالقرية الصغيرة، وبعد ان باتت تلك الصحافة أمام تحد صعب، لا تضاهي فيه الصحافة الالكترونية، حيث يتم تداول الأخبار والأحداث، بالصوت والصورة، لحظة تلو اللحظة، وعلى مدار الساعة، الأمر الذي له تأثيره على الرأي العام، فقد بات من الضرورة تحديد قوانين خاصة بالصحافة الالكترونية، للوقوف على ما يتم تداوله من خلالها.
جدير بالاشارة، دراسة اجرتها شركة مايكروسوفت، تؤكد ان العالم سيشهد طباعة آخر صحيفة ورقية في عام 2018. اذ ان نسبة متابعي الصحافة الالكترونية في العالم اصبحت تقارب %60 وفقاً لبعض الاحصاءات.
صباحات بدون جريدة نتصفحها، وكوب قهوة يمتزج عبقه بحبرها، ليست صباحات!
مريم حسين مكي الجمعة
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق