حتى الآن ليس واضحا ماذا تعني وزارتا التربية والتعليم العالي للحكومة الجديدة ورئيسها الشيخ جابر المبارك، وخاصة أنه تعهد في أكثر من ظهور إعلامي له أن هناك نهجا حكوميا جديدا سيؤدي في نهاية المطاف إلى صياغة الأولويات حسبما تقتضي المصلحة الوطنية، فالوزارة في حالة يرثى لها، والمؤسف أن هذا الوضع تسرب إلى المناطق التعليمية و«فرّخ» مصائب أكبر وتبعاتها خطيرة.
أول مدخل لانتشال أي بلد من كبوته هو التعليم، وبمراجعة بسيطة للتجارب الناجحة في شرق آسيا أو في شبه الجزيرة الكورية سنجد أن تلك التجارب نتاج شخصيات تاريخية أعطت للتعليم حقه سواء أكانوا رؤساء حكومات
أو وزراء تربية، وما لم نسابق الزمن في حالتنا الراهنة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فنحن على شفا هاوية، كما يقال، وسنفاجأ خلال السنوات العشر المقبلة بنتائج كارثية كان يمكن تجنبها لو عملنا بجهد أكبر.
إذا كان مستقبل التعليم في البلاد بتلك السوداوية التي نلمسها بين الحين والآخر فلا بد من خطوة شجاعة في هذا الاتجاه، ويفترض أن يكون وزير التربية والتعليم الحالي- مع احترامنا وتقديرنا لشخصه الكريم- أول ضحايا تلك الخطوة الشجاعة، فقد أظهر عجزا واضحا في إدارة مثل تلك المؤسسة الضخمة المحملة بأوجاع كثيرة، وليس الأمر كذلك فقط بل أضاف لها من المشاكل ما سيشغلها عن مهمتها الأساسية.
لم يعد التعليم يحتمل آليات التجربة والخطأ فقد استهلكت تلك الآليات كل ذلك الرصيد الذي بناه المؤسسون الأوائل لتلك المؤسسة الهامة، وها هي الضحية الأخيرة لتلك الآليات وهي جامعة الكويت تكاد تتمزق بسبب التجاذبات الطائفية والقبلية والعائلية تحت سمع وبصر الحكومة ووزيرها، بل تحول أولئك إلى طرف في تلك التجاذبات في حين كان ينبغي لهم أن يعالجوها بأقصى سرعة ممكنة حتى لا تستفحل كما استفحلت تلك الآليات في المناطق التعليمية وتحولت بموجبها إلى «عزب» و«استراحات» في حين كان يفترض أن تكون عكس ذلك.
ماذا تبقى من التعليم إذا كانت الحكومة والوزير يرعيان مثل تلك الأفكار المتخلفة والبائدة ويحشرانها حشرا في المؤسسات التي يفترض بها معالجتها، حتى أصبح لكل مؤسسة «صبغة» خاصة، إذا لم يع الطرفان أن التعليم مشروع لنهضة الأمم لا لترديها، وأن ممارساتهما تمنعان مثل تلك النهضة أو على الأقل استعادة تلك الأجواء الجميلة التي ميزت الكويت عن غيرها من الدول المجاورة فهما بحاجة إلى من يذكرهما بذلك.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق