إحدى صحفنا نشرت متابعة لخبر الطفلة التي ظن اهلها انها اختفت وشغلوا «الداخلية» ومرتادي «تويتر» بالبحث عنها، وادعت الصحيفة ان مصدرا في وزارة الداخلية ابلغها بعد العثور على الطفلة ووالدتها في احد الفنادق انه «تم تسليم الزوجة وطفلتها للمواطن الزوج»!
ربما ليس في هذا الخبر خبر، لكن انا استوقفتني كثيرا عبارة «تم تسليم الزوجة». فهنا يتم الحديث عن المرأة وكأنها متاع او «-نع..- لأ ماني قايل». تم تسليم الزوجة يعني ان الزوجة عند الصحيفة التي نشرت الخبر وقبلها عند وزارة الداخلية التي اكد مصدرها الواقعة لا تعدو ان تكون شيئا تابعا للزوج، وانها بلا هوية وبلا ارادة وبلا خيار. مجرد ملحق للزوج، يتم ارجاعها اليه متى امر وبمساعدة من قوى امن الدولة.
ربما نفهم ان الطفلة تتبع والدها حسب قانون الاحوال الشخصية، رغم ان الوضع في الدول التي تحترم مواطنيها والامهات منهم قبل الآخرين ان الطفل ذكرا كان ام انثى يتبع والدته بوصفها الاكثر قدرة والاكثر اهتماما برعايته. لكن هنا.. القانون ذكوري، لذا فنتصور ان رجال الداخلية معهم الحق في «تسليم» الطفلة الى والدها المواطن. لكن في حالة الزوجة، الوضع يختلف، فهي امرأة عاقلة، وبالغة، من المفروض ان تكون حرة عندما اختارت ان تغادر بيتها ومن المفروض ايضا ان تبقى حرة في خيار العودة اليه. اما ان يتم «تسليمها» وكأنها قطعة اثاث او سقط متاع، فهذه اهانة لها واعتداء على حرية نساء الوطن بشكل عام.
قبل ايام باركنا ادعاء النائب الجبري نيته تقديم قوانين ومقترحات لانصاف المرأة لتحقيق مزيد من الامتيازات والرفاهية السكنية والوظيفية للمرأة. وبدا الامر مقنعا ومبشرا بالخير، خصوصا ان الدولة هنا تقدم لمواطنيها الكثير من الخدمات التي تحرم منها المواطنة الانثى، بينما يتمتع بها كاملة اخوها ورفيقها المواطن الذكر. اليوم وبعد حادثة «تسليمها الى زوجها» كثر الله خير الجبري وغيره اذا عملوا على الحفاظ على كرامة المرأة وانسانيتها التي يحرص كثيرون هنا وفي طليعتهم اعضاء مجلس الامة على ان تبقى مع الاسف مهدورة.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق