عبدالمحسن جمال: مأزق المعارضة

ما يحدث اليوم من حراك سياسي للمعارضة السابقة أدخلها في صراع مع السلطات الثلاث مرة واحدة.

فالمعروف أن النظام السياسي الديموقراطي يتكون من ثلاث سلطات: التشريعية والتنفيذية والقضائية.

ولقد بدأت المعارضة وتكوّنت في المجالس الأخيرة السابقة من خلال معارضتها للحكومة (السلطة التنفيذية)، وهو أمر طبيعي، لا نزاع فيه ولا جدل، لأن طبيعة العمل السياسي الديموقراطي في العالم كله هو وجود معارضة سياسية تتصدى للحكومة.

ولكن، بعد صدور الحكم الدستوري القضائي بإبطال مجلس الأمة عام 2012 وحله، وصدور المرسوم بقانون بتعديل قانون الانتخابات إلى حق الناخب بالصوت الواحد بدلاً من الأصوات الأربعة، فوجئ المراقبون بمقاطعة تلك المعارضة للانتخابات السابقة، وابتعادها بالضرورة عن المجلس الحالي، والذي جعلها تتحول إلى معارضة للمجلس (السلطة التشريعية)، وتضعه في صف واحد مع الحكومة (السلطة التنفيذية)، وكما يحاول البعض من خلال التحليل السطحي القول إنهما في «جيب واحد».

ولكن الأمر الأكثر خطورة تطور بعد صدور بعض الأحكام القضائية في حق بعض الناشطين وأعضاء مجلس الأمة السابقين، والذي وصل في بعض الأحكام إلى السجن بضع سنوات، أو إخلاء السبيل في بعض القضايا مع منع السفر، فكان رد فعل المعارضة السابقة هو إدماج «السلطة القضائية» هي الأخرى في الهجوم عليها والتشكيك في أحكامها.

وهنا تقع المعارضة في خطأ استراتيجي، وذلك بشن الهجوم على السلطات الثلاث مجتمعة، وهي تمثل في المحصلة النهائية «النظام السياسي الكويتي» كله، فإذا أضفنا إلى ذلك محاولة البعض – بطريقة أو بأخرى – مهاجمة رئيس الدولة، خصوصاً أن هناك قضايا في المحاكم ما زالت تنظر في هذه الدعاوى، فإن الوضع السياسي الذي أوقعت المعارضة نفسها فيه هو الصراع المكشوف مع «العقد الاجتماعي» المعمول به في الكويت، كما هو في جميع النظريات السياسية التي تنظّم عمل الأنظمة السياسية الديموقراطية. وبالتالي، فإن على المعارضة السابقة أن تقف قليلاً لدراسة وضعها الحالي وعدم الاندفاع إلى سياسة «حافة الهاوية»، التي قد تسبب أموراً صعبة لها، لأن الشعب الكويتي لن يقبل بنسف نظامه الديموقراطي الذي يقوم على أساس فصل السلطات مع تعاونها، ولن يقبل من أي طرف مهما كان معارضاً شرساً قلب نظامه السياسي المعتمد على السلطات الثلاث، خصوصاً أننا جميعاً نرى «محاولات خفية» لإثارة «خلل سياسي» في العديد من الدول العربية، وبالأخص الذي أوصل بعض «المعارضة» إلى قمة السلطة. ويقول الجميع في الكويت «لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين».

د. عبدالمحسن يوسف جمال

ajamal2@hotmail.com
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.