
يتساءل عدد من المراقبين عن الأسباب التي تجعل الكويت تعاني من الركود الاقتصادي في الوقت الذي تحقق الدولة فائضاً سنوياً في الميزانية يتراوح بين 10 و12 مليار دينار كويتي!
إن المعاناة تتركز في نشاط مؤسسات القطاع الخاص، حيث تواجه مجموعة من هذه الشركات تراجع أعمالها ونتائجها، كما انها تواجه التزامات مهمة تجاه النظام المصرفي، خصوصاً شركات العقار والاستثمار. بيد أن هناك حقائق موضوعية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند تقييم الأوضاع الاقتصادية في البلاد. كما هو معلوم أن المجتمع السكاني في البلاد ينقسم بين المواطنين والوافدين، وهناك تفاوت في القدرات الاستهلاكية بين المجموعتين. يقدر متوسط دخل الوافد في الكويت بأقل من مائتي دينار شهرياً، بما يجعل هؤلاء الوافدين، أو جلهم، متحفظين في سلوكياتهم الاستهلاكية، حيث يحول هؤلاء نسبة مهمة من مداخيلهم الى ذويهم في أوطانهم، ويكاد انفاقهم الاستهلاكي يقتصر على مواجهة التزامات الطعام والسكن والضروريات، مثل الأتعاب الدراسية للأبناء بالنسبة لمن ترافقهم أسرهم في الكويت. لذلك، فإن مؤسسات التوزيع السلعي تعتمد بصورة أساسية على انفاق الكويتيين والذين يمثلون 32 في المائة من اجمالي السكان.
قد يستفيد كثير من المؤسسات العاملة في قطاع المقاولات وقطاع الانشاءات من امكانات الانفاق الرأسمالي الحكومي بموجب خطة التنمية، وهذه الفائدة قد تنعكس خلال السنوات المقبلة على أوضاع العديد من الأنشطة الاقتصادية المملوكة من القطاع الخاص، لكن هناك تحديات مهمة أمام تنفيذ مشاريع التنمية تتطلب معالجات واضحة لآليات القرار والتنفيذ. وغني عن البيان أن كثيراً من المؤسسات الخاصة، مثل الشركات العقارية ورجال الأعمال المختصين، قد توسعت في أعمالها وبما زاد من مستويات العرض والتشبع في النشاط، كما أن كثيرا من المؤسسات الأخرى الخدمية ازدادت أعدادها، بعد افتتاح العديد من المولات الجديدة. ومن دون جدال فان هذه الظاهرة ليست جديدة في الكويت، وهي لا تنفرد بها. ولذلك، فان استيعاب السوق لهذه الأنشطة والمؤسسات سوف يستغرق وقتاً طويلاً. وقد أدت هذه التطورات الى المطالبات بتدخل الدولة وزيادة عمليات شرائها للاصول بما يمكِّن من تدفق السيولة الى السوق، لكن هذه المطالبات تتناقض موضوعياً مع ما هو مطلوب من انجاز لاصلاحات اقتصادية واسعة النطاق تعزز دور القطاع الخاص وتحد من دور الدولة. كيف نحد من تدخلات الدولة في العمل الاقتصادي التقليدي وفي الوقت ذاته نحفز النشاط الاقتصادي؟
عامر ذياب التميمي
(باحث اقتصادي كويتي)
ameraltameemi@gmail.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق