استمرت حرب تحرير الكويت 42 يوما، اخذت المراحل الجوية 38 يوما، واستمرت البرية اربعة ايام.. تعهد بيكر بانه سيقوم بنفسه باعلام الأمير بندر سفير المملكة العربية السعودية في واشنطن بموعد انطلاق حرب تحرير الكويت، وكان قبل ايام قد ذهب الامير بندر الى الملك فهد بن عبدالعزيز، ليحيطه علما بالاتفاق السري مع الولايات المتحدة الامريكية، ليأخذ الموافقة الرسمية من الملك على حرب تحرير الكويت، والموافقة على أي عمل هجومي ينطلق من ارض المملكة فقدم الملك موافقته على أي عمل هجومي طالبا فقط باعلامه مقدما بموعد انطلاق حرب تحرير الكويت.. وتم الاتفاق على ترتيب الاتصالات بين الأمير بندر سفير المملكة والملك فهد ويجب ان تكون المكالمة شديدة الحذر حتى تمنع أي تسرب.. اتفق الملك فهد مع بندر على استخدام كلمة السر هي «سليمان» وهو اسم مستخدم كان يعمل لدى الاسرة المالكة ايام الملك عبدالعزيز بن سعود مؤسس الدولة الثالثة، وكان بندر طفلا صغيرا، على ان يكون الحديث عن سليمان الذي يتلقى العلاج في امريكا وعند الحديث عنه تكون كلمة السر قد وصلت للملك.. «اليوم يصلكم سليمان» في الثالثة صباحا بعد ان اتم علاجه بالسلامة.
قابل بوش تشيني في الليلة المحددة وسكوكروفت وباول رئيس الاركان في البيت الابيض، كان بيكر مازال في رحلته لجنيف لعرض الفرصة الاخيرة لطارق عزيز في رسالة لكي يوصلها الى صدام حسين، استمر الاجتماع ست ساعات ونصف قرأ طارق عزيز الرسالة المرسلة من الرئيس بوش لصدام.. قرأها ثم تركها على الطاولة رافضا ايصالها لرفض صدام مسبقا للانسحاب من الكويت، واتخذ القرار العصيب شوارسكوف وحدد وقت الهجوم الجوي في الثالثة صباحا بتوقيت المملكة العربية السعودية فجر يوم 17 يناير 1991.. اخبر الحلفاء قبل ساعة، وتشيني يطلع الرئيس بوش الاهداف الاولى.. سرب من الطائرات القاصفة تنطلق في الثالثة فجرا.. وفي الخامسة والنصف اطلقت قذيفة هوك من «بنكر هيل» وهي عبّارة في الخليج العربي ثم اطلقت 20 قذيفة توك هوك ومن الاهداف المرسومة قذف القصر الرئاسي لصدام والخطوط التلفونية الرئيسية ومحطات توليد الكهرباء في بغداد في ساعة الصفر.. وهناك سفن حربية امريكية كانت معدة لقذف 106 توم هوك في 24 ساعة الاولى للحرب.. وقوات جوية مساعدة لتوم هوك، الهجمات الجوية الاولى اطلقت اكثر من الف ضربة، وفي الخامسة وواحد وثلاثين دقيقة القت السفينة ويسكنون اول قذيفة توم هوك.
قدر باول ثلاثة أسابيع للهجمات الجوية، ولكنها دامت 38 يوما، بعدها بدأت الحرب البرية وكان «باول» قلقا على «المارينز» حيث المرحلة الاصعب.. يا إلهي قد نفقد الكثير من المشاة الذين سيتحركون داخل تحصينات الجبهة، الحرب كريهة لا تسر الطرفين ويتحملها الرئيس المعاند الذي كان مثل هتلر لا خبرة له بالجيش غير لباسه العسكري المثقل بالرتب، توسطت الدول الكبرى ودول عربية لحقن الدماء والخروج من الكويت بسلام وآخرها مؤتمر جنيف.. وكان اختيار الحرب صعبا.. قال غازي القصيبي في كتابه «أزمة الخليج محاولة للفهم»: صنع القرار عملية بالغة التعقيد تتداخل فيها عوامل عديدة.. لم تعلن الكويت حالة الطوارئ ولم تستنفر قواتها بل الغت حالة الطوارئ التي كانت معلنة قبل شهر من الحرب.. ولم تطلب تدخلا لحمايتها.. وقال القصيبي لولا وجود القطبين الكبيرين بوش وتاتشر لما توفر حظ تحرير الكويت.. وقال: جاء بوش الى الرئاسة بخبرة واسعة في الشؤون الدولية، كان عضوا في الكونغرس وسفيرا للولايات المتحدة في الامم المتحدة وسفيرا لها في الصين ورئيسا لوكالة المخابرات المركزية ونائبا للرئيس خلال ولايتين، وعمل في قطاع النفط في تكساس، وزار الكويت في مجال اعمال النفط في الاربعينيات.
اما الجنرال موريس شميت رئيس هيئة اركان القوات المسلحة الفرنسية، وقائد القوات الفرنسية في تحرير الكويت يقول في كتابه: «من ديان بيان فو الى الكويت»: ان صدام حسين لم يقرأ الكتاب المنشور عام 1979 في الولايات المتحدة الامريكية بقلم الرئيس ريتشارد نيكسون تحت عنوان «الحرب الحقيقية»، ولو كان قد قرأه لجنب العراق الدمار.. ينبغي لدول الخليج ان تكون على ثقة ان الولايات المتحدة ستساندهم تحت أي تهديد خارجي وسوف نساندهم وان تعرضت قواتنا للمخاطر.
عبدالله خلف
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق