منى الفزيع: حق الفرحة

الفرحة حق للانسان لا ينازعه فيه احد.. وايامنا المقبلة احتفالات وطنية يجب ان نحييها بكل الفرح رغما عن كل الاقلام والفتاوى المشاكسة المعادية للفرح.

كل الدول تحتفل بمناسباتها الوطنية اعتزازاً بالتاريخ، كما ان كل الدول المتحضرة تشجع الفرحة بين الشعوب، حتى الزعامات الدكتاتورية منها لا ترى عيبا ولا كفرا في أن يطالب شعبها بحقه في الفرح، الا هنا في الكويت!

فقدنا ومنذ ما يعادل السنوات العشر الأخيرة تحديدا المعنى الحقيقي والممارسة الطبيعية لما يسمى بفرح الشعوب بسبب النزاعات السياسية والانجراف نحو متابعة بطولة صراع الديوك المفتوحة.. الى متى؟ الواقع ان البطولة استمرت الى ان انهك المتصارعون ومل الجمهور ولم يبق غير المتعهدين الذين يقتاتون على استمرار هذه المصارعة وحضور الجمهور!

اليوم الطاسة ضايعة لا تعرف الصديق من العدو في الكويت. ولم يعد بمقدور احد ان يتغنى او يشيد بتاريخ ولا انجاز ولا حتى مناسبة سعيدة الا وقيل فيه ما قيل. اذا قلنا الحمد لله على حكم الصباح قالوا تجامل السلطة، واذا قلت «هابي فالنتاين» قالوا حرام احنا مسلمين! أليس من حقنا اهل الكويت ان نقول شيئاً لا نحاسب عليه؟

لم يبق شيء في الكويت يبعث على الفرح الا وتدخلت الجماعات السياسية لتفتي بحرمته او الاستهزاء به، مثقفين ومتخلفين لا فرق.. ليبراليين ومتعصبين، ساسة واكاديميين لا فرق، كلهم معا ما دام الأمل والهوى في تحقيق اكبر قدر من الغنائم – اقصد المناصب – حين يأتي الحصاد وتوزيع الثروة، كما يأمل البعض، وأقول حامض على بوزهم!

الأيام المقبلة ستشهد احتفالات البلاد الوطنية، وهي استذكار لمحن مررنا بها في تاريخنا الوطني، ولا استغرب ان خرجت علينا أفواه كريهة تحرم وتحلل وتوجه على من يجب ان نحزن ولمن يجب ان نفرح؟ وهل رأيت يوما شعبا ينوح من أجل سياسي عابث، وهل رأيت يوما شعبا يلبس الحداد من أجل شرذمة عاثت فسادا؟… الشعوب لا تعيش على هوى احد، ولذا فاننا نجعل من الأعياد الوطنية تذكارا لما تجاوزته البلاد من محن وهي كثيرة… أليس من حق الشعب ان يفرح لذلك؟

الشعوب في العالم تستذكر كل تاريخها باعتزاز حتى الحقب السوداء بها، لان هذا يشعرها بالامتداد وعظم التاريخ وروعة الشعوب، الا هنا في الكويت، فقد ابتلينا بأفراد يمثلون جماعات سياسية قد سمحت لها مساحة الحرية في البلد ان تحرم وتحلل على هوى الاتباع والنفس، وان تقرر ما الذي يجب ان يفرحها لنفرح له وما الذي علينا ان نبكي لأجله ولمن!

الاسبوع المقبل، اسبوع اجازة وطنية يعني مناسبة فرح، وحق الشعب في الفرحة طبيعي. البعض سيفر من البلاد، ولا اقول سيسافر من البلاد بحثا عن التغيير والراحة والوناسة، والبعض سيبقى ليشهد استعراض الفوم (الرغوة) في الشوارع وتراكض الشرطة بلا فائدة… هل هذه الفرحة الوطنية؟ لا، بس هذا الموجود، اقصد المسموح! كل دول العالم تحتفل باليوم الوطني… لكن ليس بالفوضى ولا العبث… ألم اقل ان هناك متعهدين للفوضى في البلد؟! يبقى حق الفرحة أصيلا لا ينازعني عليه احد، سواء بالسفر او البقاء.. فالفرحة حق.. وسنفرح متى شئنا لبلادنا.

منى علي الفزيع
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.