استغرب من هؤلاء الذين ينعتون مجلس الامة الحالي بنعوت بعيدة عن الواقع ومجانية للحقيقة..
فالمجلس الحالي هو شأنه شأن المجالس السابقة ولا سيما المجالس الاخيرة التي انتهجت نهج الاستقواء وسحب البساط من صلاحيات الحكومة.
لقد قلت في مقالة كتبها اثر اعلان نتائج الانتخابات الاخيرة ان المجلس الحالي لن يخرج من جلباب المجالس السابقة. وها هي الحقيقة قد انكشفت. فالمجلس الحالي له مخالب.. ويشمخ حد وصف رئيسه علي الراشد، وموجة الاستجوابات المقدمة للوزراء والتي وصل عددها حتى يوم الاثنين الماضي الى خمسة استجوابات لخمسة وزراء اي نحو ثلث الوزراء . والخير لجدام هذا لا يدل على ان المجلس مجلس حمائم او صديق للحكومة او في جيب الحكومة.. وانما يدل على ان للنواب اجنداتهم التي لا تتفق بالضرورة مع اجندات الحكومة، خاصة لم يظهر حتى الان ان للحكومة اجندة خاصة وتعمل على هداها. لذلك اتصور ما دامت الحكومة اجندتها غير واضحة فالوزراء بالتبعية معرضون للاستجوابات بما فيهم رئيسهم ..
الاستجواب لايخيف اذا كان المقصد اصلاحياً والاستجواب لايخيف اذا كان الوزير واثقاً من قدراته وواثقا من انه لم ينحرف وانه لم يجير منصبه لاغراض غير المصلحة العامة وقد قيل من يعمل يخطئ والوزراء ليسوا معصومين عن الاخطاء والخطايا، وفي وضع حكومي موصوف بالانفلات والمحسوبية فالاخطاء والخطايا احدى العلامات البارزة في العمل الحكومي.
ليصعد الوزراء منصة الاستجواب وليدافعوا عن انفسهم وليدحضوا التهم الموجهة اليهم. ولنرى نحن كمواطنين ماذا يحدث بعد ذلك أليس هذا المسار المنطقي في العملية الديموقراطية والرقابة الشعبية. فما مبررات الخوف او ما مبررات الضيق؟!
يقول المثل الشعبي لا تبوق ولا تخاف. فاذا كان الوزراء صحائفهم بيضاء، فما هو اوجه الخوف او اوجه الضيق..؟!!
يزعم البعض انه ينبغي منح الوزراء فرصة اقلها ستة اشهر بعد ذلك تتم محاسبتهم وهذا مبرر كاف لهروب الوزراء من المراقبة، فالرقابة البرلمانية على اعمال الوزراء تبدأ من بعد الانتهاء من القسم الدستوري مباشرة، وبالتالي ليس في القاموس البرلماني فترة هدنة او فترة سماح. وانما هذا يدخل في سياق الانفاق السياسي (الجنتل) الذي كثيراً ما يستغله بعض الوزراء لتمرير قرارات قد تشتم منها رائحة التنفيع والترضية.. والامثلة على استغلال بعض الوزراء لمناصبهم كثيرة سواء في الوزارة الحالية او الوزارات السابقة.
ان العلة لا في محاسبة الوزراء بواسطة الاستجوابات، ولا العلة الى ما سيفضي اليه من نتائج، ولكن العلة هو في التضخيم الاعلامي وتصوير الاستجواب كأنه بعبع او غول يلتهم الوزير المستجوب فلا ريب ان ذلك مبالغة وتصوير في غير محله لان في الاستجواب هو الامر الطبيعي في العملية الرقابية الدستورية، بغض النظر إن كان يكمن خلفه هدف شخصي او هدف اصلاحي. وهنا يأتي دور الوزير الذي عليه ان يدحض التهم الموجهة اليه ويكشف للرأي العام ان كان الاستجواب اصلاحياً او شخصانياً.
يا سادة يا محترمين من يركب البحر عليه ان يتحمل اهواله، فالوزير الذي قبل بالمنصب قبل بكل النتائج المترتبة على المنصب. ولذلك فمنع الاستجوابات او عرقلة النواب عن اداء واجبهم الدستوري، هو تمكين للوزراء باستغلال مناصبهم دون حسيب او رقيب، ان البعض يريد من الوزارات مرتعاً خاصا لهم، والوزراء حراس خاصون لتنفيذ اجندتهم وكأن الدولة نهيبة لاصحاب المصالح والاجندات الخاصة..!!
لتأخذ الاستجوابات مسارها الطبيعي وليوضح كل من المستجوب والمستجوب موقفه. ومن على رأسه بطحه عليه ان يكشفها، فلماذا الخوف .
في كل البرلمانات العريقة والمحترمة تطول كل يوم الوزراء استجوابات برلمانية. ولا تهتز الحكومة او يتهدد البرلمان بالحل، لان الوزراء واثقون من اعمالهم ، والبرلمان يقوم بواجبه الدستوري، فلماذا يجن جنون البعض ويصاب «الحكة» اذا استجوب البرلمان الكويتي احد الوزراء او حتى دزينة من الوزراء..؟!
نعود ونقول.. من قبل بالمنصب الوزاري عليه تحمل كافة التبعات، فهذا هو الامر الطبيعي وغير ذلك تنقيص في الواجب وتضليل للحقيقة والوزير العاجز لا يستحق منصبه وعليه ان يرحل.
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق