في الدول الديمقراطية القريبة الشبه للتجربة الديمقراطية الكويتية، ليس هناك احترام للمبادئ والأعراف الدستورية، بل كل طرف «الحكومة والمجلس» يريد مصادرة حق الطرف الآخر، «عفرتة» كما يقال في الدارج المحلي، فالحكومة تريد خمسين موظفا لا يتجاوز طموحهم إنجاز معاملة هنا أو معاملة هناك أو كلمتين «على الطاير» في جلسات مجلس الأمة.
النواب يريدون 16 «سكرتيرا» وليس وزيرا لا دور لهم سوى إنجاز معاملات النواب وإرسالها برسم الخدمة ومعها وردة بلون «أحمر فاقع»
أو «قرشة دهن عود» كما كان يفعل بعض الوزراء، وإلا صرخوا فيهم كما كان يفعل أسود مجلس الأمة وصقورهم وثعالبهم، حسب مسمياتهم الجديدة.
النصوص الدستورية الحالية صممت لثقافة معينة، وبالتأكيد تلك الثقافة لم يعد لها وجود فيما بيننا، لذا لم تعد النصوص الدستورية تسعفنا في حل مشاكلنا ولم تعد تسمح تلك النصوص أن نتقدم إلى الأمام، مما يتطلب إعادة النظر في البنى الحكومية القائمة تجاه تحويلها إلى قنوات يمكن من خلالها إعادة صياغة الثقافة المحلية مرة أخرى نحو التخلي عن ثقافة الأخذ ونستبدل بها ثقافة العطاء التي كانت تميز مكونات المجتمع في ستينيات القرن الماضي.
يفترض أن نستعجل مشروع «خصخصة» وزارات الخدمات مثل الكهرباء والماء والهاتف والبريد وشركة البترول الوطنية، وبنك التسليف والادخار ونقوم بتصفية المؤسسة العامة للرعاية السكنية لتنتقل وظيفتها إلى البنوك المحلية على شكل قروض طويلة الأمد ومنخفضة الفائدة وتدعم من الميزانية العامة للدولة، كما في كثير من الدول المتقدمة، وخاصة أن «بصمات» الحكومة على تلك القطاعات تضعف من إنجازها.
تلك الإجراءات من الحكومة ستضعف بكل تأكيد الثقافة التي تعود عليها الكثير من المواطنين خلال الفترة الماضية وهي البحث عن المكاسب الشخصية على حساب المصلحة العامة، يتساوى في ذلك المواطن البسيط والمواطن التاجر فلا أحد يسأل الآن عما يمكن أن يقدمه لبلده بل ما يمكن أن يحصل عليه، حتى كاد أن يتحول البلد إلى «ركام» بسبب تلك الفوضى العارمة التي يحاول تكريسها بعض «المرتزقة».
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق