قرار تأجيل استجوابي وزيري الداخلية والمواصلات، رغم أن الأول «تهرب» من مواجهته والثاني أعلن استعداده لصعود المنصة والرد على كل ما تضمنه، مؤشر على أن «بو طبيع ما يخلي طبعه» وأن رغبة تحويل مجلس الأمة إلى مجلس استشاري هي السائدة في العلاقة بين الطرفين مهما سوقت الحكومة من مبررات بأن الاستجوابين ليسا سوى استجوابين بالوكالة خلفهما شيوخ.
ماذا يضير الحكومة إذا صعد وزيراها المنصة وردا على استفسارات النائبين المستجوبين، وخاصة أن هناك دعما واضحا لهما وتوقيعا على بياض من أغلبية النواب بعد التقائهم في ديوانية رئيس مجلس الأمة علي الراشد، ألم تكن تلك فرصة يمكن على الأقل تسجيل نقطة من خلالها للحكومة في حرصها على الشكل الدستوري ورفضها أي مساس وعبث بالنصوص الدستورية حتى مع كل تلك المبررات.
الشيخ جابر المبارك ربما يكون الوحيد من رؤساء الوزارات الذي وجه له استجواب ولم يتهرب منه، رغم التعسف في استخدام الحق الدستوري أكثر من مرة تجاهه، بل كان شجاعا ورد على كل محاور أحد الاستجوابات في جلسة علنية، واعتقدنا بعدها أن زمن تأجيل الاستجوابات ولى إلى غير رجعة، وأن كل وزير سيقف على المنصة في أول فرصة تسنح له ويرد على مضامين الاستجوابات ونطوي ملف استخدام تلك الاستجوابات من خارج مجلس الأمة إلى غير رجعة، لكن فيما يبدو توقعاتنا لم تكن في محلها.
الحكومة الجديدة «سقطت» عند أول محك، وهذا أمر مؤسف بالنسبة لنا جميعا، فقد كنا نراهن على أن تكون تلك الحكومة حكومة من نوع آخر، تبدأ بالإنجازات وتنتهي باحترام النصوص الدستورية، وخاصة أن المواطنين وقفوا معها منذ أول يوم في تشكيلها رغم الإحباط من إعادة توزير بعض الأشخاص، لكن النتيجة أن حسابات الحقل بالنسبة لهم لم تكن هي نفسها حسابات البيدر.
كان هناك تعسف في استخدام الحق الدستوري، وسيظل هذا التعسف موجودا كما تتعسف الحكومة في استخدام حقوقها الدستورية، لكن معالجته ليست بالتهرب منه والبحث عن مبررات لتغطية هذا الخلل بل بالمواجهة وتقدير مثل ذلك الحق الدستوري وإعطاء نموذج صادق في العمل البرلماني لإقناع المواطن أن الحكومة مع مثل ذلك التعسف إن وجد، فهي من يحترم الدستور ويحرص على تطبيقه التطبيق الصحيح.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق