بعد خروج الشاعر فهد العسكر من المدرسة المباركية، اخذ يراسل الصحف العربية في العراق والبحرين ومجلة البعثة الكويتية في مصر.. ونظم القصائد الوطنية والقومية والاناشيد، وكان معجبا بالملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وهو مؤسس الدولة الثالثة السعودية.. والذي فرض الامن على كل طرق المملكة المتصلة بدول الجوار، واجبر القبائل المتناحرة والمتشاجرة على الالتزام بالسكينة وترك المعارك والغزوات.. وقام بتغيير الخريطة الاجتماعية فرحل القبائل المتناحرة في اماكن مختلفة..
كان فهد العسكر معجبا بهذا الرجل العظيم فألف قصيدة انشدها المطرب عبداللطيف الكويتي، فوصلت الاغنية المنشدة الى جلالة الملك، بعد ان رددها ابناء الكويت والمملكة وكان النشيد هذا يُشيد بشجاعة الملك عبدالعزيز. فقام الملك بتكليف وكيله في الكويت الحاج عبدالله النفيسي بدعوة الشاعر لزيارة الرياض ومقابلة الملك عبدالعزيز.. وكانت امنيته ان يزور هذه المملكة الفتية.. زار وكيل الملك في الكويت الحاج صالح العسكر والد الشاعر فهنأه بهذه المكرمة الكبيرة التي خصها الملك لابنه فهد، فسافر الشاعر عن طريق البحرين وحل ضيفا على آل خليفة وانتقل الى الاحساء وحل ضيفا على الامير عبدالله بن جلوي واكرمه كضيف جلالة الملك عبدالعزيز.. ومن الاحساء الى الرياض وحل ضيفا على الملك عبدالعزيز، حيث اكرمه وعرض عليه العمل لتدريس احد ابنائه ويقول الاستاذ عبدالله زكريا الانصاري مؤلف كتاب «فهد العسكر، حياته وشعره» ان الابن الذي قام على تدريسه لعله هو الامير محمد، وكان يقطن الصحراء الجنوبية قرب اليمن، وكانت القلاقل والمناوشات دائرة بين اليمن والمملكة.. وكانت الحياة في الصحراء قاسية على الشاعر الذي ألف المدينة ورخاءها، واوصى به خيرا قريبه عبدالله بن علي العسكر الذي كان وكيل الملك على السلاح حيث كانت اقامته عنده عند اول قدومه ثم قصد الجنوب حيث الامير محمد وكان الخوف يراود الشاعر في هذه الصحراء الموحشة، وكان يخاف من التوتر الامني فاستأذن الامير محمد بعد حين فرتب له امور رحيله قريبه عبدالله العسكر فعاد الى الكويت بعد ان حصل على تكريم وتشريف جلالة الملك عبدالعزيز.
???
وهذا هو مطلع النشيد الذي حيّا به الملك عبدالعزيز:
حي الصباح إذا تبسم
وضع العقود إذا تكلم
واعبُد بمملكةِ الجمال
جلالة الملك المعظم
فالحُسن حين يُصان يُعبد
فيه خالقه ويُكرم
وإذا سألت وجاد يوماً
ما بوعدٍ أو تكرَّم
فاستقبل الدنيا بزينتها
ولا تشرك فتندم
???
وكان اهتمام الشاعر كبيرا في قضايا الامة العربية وحالها المتردي وتفرق شعوبها..
يا بني العُرْبِ إِنَّما الضُّعْفُ عَارٌ
أيْ وَربي سَلُوا الشُّعوبَ القَويَّه
كم ضَعيفٍ بَكى ونادى فَراحت
لِبُكاهُ تُقَهْقِه المدْفَعيَّه
لغةُ النارِ والحديدِ هي الفُصْحى
وَحَظُّ الضَّعيفِ منها المنيَّه
ها هيَ الحَرْبُ أَشْعَلُوها فَرُحُماكَ
إلهي بالأُمَّةِ العَربيَّه
يا بني الفَاتِحينَ حَتَّامَ نَبْقَى
في رُكودٍ أَيْنَ النُّفوسُ الأَبيَّه
غُيْرُنا حَقَّقَ الأَماني وبِتْنَا
لمْ نُحقِّقْ لنَا ولا أُمْنيَّه
فمنَ الغَبْنِ أَن نَعيشَ عَبيداً
أَيْنَ ذاكَ الإِباءُ أَيْنَ الحَمِيَّه
???
طلَعَ الفَجْرُ غَنِّ يا قمْريَّهْ
واطْربِي الرُّوحَ بالأَغاني الشَجِيَّهْ
واشْدُ يا طَيْرُ بالغُصون وأَيقِظْ
بأَناشيدِكَ الزُّهور النديَّه
ملأَ الفَجْرُ أَكؤُسَ الورْدِ راحاً
لكَ تُزْري بالصِّرْفةِ البابليَّه
فإذا ما اصْطبحْتَ يا طيْرُ عبِّر
ما رأَى الورْدُ من رؤى سحرِّيه
وتَقَبَّلْ وأَنْتَ نَشْوانُ شادٍ
قُبَلاتِ النَّسائِم العِطْريَّه
هَا هُو الصُّبْحُ قد تَبدَّى تُحَلّى
ثغْرَهُ الحُلْوَ بسْمةٌ ورْديَّه
وَانْظُرِ الكَوْنَ كيفَ يرْفُلُ يا
طَيْرْ بتلكَ الغَلائِلِ العَسْجَديَّه
???
وحارب الشاعر فهد العسكر التقاليد الاجتماعية المتخلفة ونادى بالاصلاح الاجتماعي، وهذه صورة لفتاة صغيرة تُجبر على الزواج من رجل مُسن كبير طاعن في السن:
يا لَلشّراسَةِ والرْعونةِ والحَمَاقَةِ والجَهَالَهْ
يا للدَّناءَةِ والسّفاهَةِ والسَّفالةِ والنَّذالهْ
باعُوكِ بالثَّمنِ الزَّهيدِ، فأَيْنَ يا ليْلى العَدْالَهْ
وَسَقَوْكِ كَأساً مِلْؤُها صَابُ الأَسى حتى الثُّمالهْ
???
زَجُّوكِ واأَسَفاهُ في سجْنِ التَّقاليدِ القَديمهْ
للهِ ما كابَدْتِ فيهِ مَنَ الأَساليبِ العَقيمهْ
لا دَرَّ دَرُّكَ من أَبٍ فظٍّ وَوَالدةٍ لَئيمهْ
يا قاتَلَ اللهُ التعصُّبَ، كَمْ تمخَّضَ عن جَريمهْ
هذا جانب من حياة الشاعر فهد العسكر، وتكريم جلالة الملك عبدالعزيز بن سعود له.. وما جاء في كتاب الاستاذ عبدالله زكريا الانصاري فهد العسكر حياته وشعره.
عبدالله خلف
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق