صلاح العتيقي: السعادة والصحة

هل السعداء من الناس يعيشون حياة افضل واطول؟ ولماذا؟

هل الانفعالات الايجابية تعني صحة أفضل؟

هل للسعادة تأثير جيد يؤدي الى طول العمر؟

هل النظرة المشرقة للإنسان تقلل من الاصابة بأمراض القلب والسكر والزكام؟

هل الأمل يحمي من ارتفاع ضغط الدم وامراض الجهاز التنفسي؟

هل للدولة دخل في سعادة الانسان؟

هذه الاسئلة حيرت الكثير من العلماء والباحثين عن تأثير النظرة الايجابية للانسان وعلاقتها بالانفعالات والصحة الجيدة.

هذا موضوع شيق قرأته في مجلة الصحة العامة لجامعة هارفارد بالعدد الشهري الاخير واحببت ان اطلعكم عليه عله يفيد.

الكثير من الدراسات والتقارير الطبية اثبتت ان الانفعالات السالبة تؤذي الجسم وتؤدي الى تغيير بيولوجي يؤدي بمرور الوقت الى تراكم هذا الكم من التغييرات المرضية، والتي بدورها تؤدي الى امراض مختلفة خصوصا الجهاز الدوري كالقلب، وذلك بتغيير التوصيل الكهربائي من المخ، مما ينتج عدم انتظام دقاته، ومساعدا لامراض كثيرة تصيبه كتصلب الشرايين وغيرها.

يقول البروفيسور جاك شانكون استاذ صحة القلب وتطوره في جامعة هارفارد (كلية الطب) ان الاطفال الذين يتعرضون لضغوطات نفسية كبيرة، كالاهمال الشديد، او التعرض للعنف او العيش بمفردهم، تتأثر صحتهم العقلية وبقية اعضائهم الداخلية مستقبلا نتيجة للتغييرات الهرمونية التي تحصل، ونتيجة للعوامل الخارجية. وقد لاحظ ذلك في دراساته العديدة في هذا المجال. لورا كوبانسكي مساعدة استاذ بجامعة هارفارد للعلوم الاجتماعية والصحية، اثبتت في دراسة اعدتها ان النظرة المتفائلة للانسان تنعكس ايجابا على الصحة، والعكس صحيح. وبمتابعتها 6000 حالة لرجال ونساء تتراوح اعمارهم بين 25 – 74 لمدة عشرين سنة استنتجت ان الانفعالات النشطة المشبعة بالامل والانخراط في الحياة الاجتماعية ومقابلة الضغوطات النفسية بتوازن وعقل تقلل من امراض الشرايين التاجية الى النصف. خلاصة دراسة كوبانسكي هو ان الإنسان يجب ان يخرج من حالة المزاج العام أو الكآبة الى منطقة بلا مزاج أو إلى منطقة الرضا العام بالحياة، وذلك بمزاولة عمل يحبه أو رياضة أو موسيقى أو سفر ولو لفترة وجيزة.

ولا يفوتني في هذا المجال ان أذكر النواحي الروحية والدينية بشكل خاص التي تؤدي الى اطمئنان الإنسان الى مصيره، وانه مراعى ومحفوظ من قبل قوة عظمى غير مرئية. كما ان تبديل المكان والرتابة اليومية يؤديان الى زيادة الرضا.

الآن، هل للسياسة العامة للدولة دخل في إسعاد الناس؟ واذا كان أمر الانفعال الإيجابي يحسن الصحة، فهل يتحرك الساسة ومن بيدهم الأمر والنهي لعمل شيء في هذا الخصوص؟

الواقع أثبت ان صانعي السياسة لا يعيرون انتباها لهذه المسألة، فهم يعتقدون ان صحة الإنسان وسعادته مسألة شخصية تخصه هو، وهذا مع الأسف مفهوم خاطئ، ففي التخطيط الصحي من المهم ان تعرف كيف تحول الخطوط الصحية السليمة الى سلوك صحي سليم تتبناه الحكومات وتعمل به.

يقول البرفيسور أريك ريم من قسم الأوبئة والتغذية في الجامعة ان %80 من أمراض القلب في أميركا هي نتيجة للسلوك والحياة التي نختارها لأنفسنا كالطعام المشبع بالدهون والتدخين وقلة الرياضة والضغوط النفسية. ان ثمن علاج الأمراض المزمنة نتيجة لهذا السلوك ثمن باهظ ومدمر، تصور لو اننا خفضنا أمراض القلب واحدا في المائة، فإننا سنوفر مئات المليارات من الدولارات، ولأنقذنا الآلاف من الناس، فما بالك لو كان هذا الرقم يحوي أمراضاً مزمنة كالسكر وغيره. ما نريد قوله ان الحالة السيكولوجية للإنسان مثل السعادة والتفاؤل مفتاح لتحسين حياة الأفراد والجماعات وجعلهم يعيشون حياة مثمرة لهم ولوطنهم، فهل نولي هذه الناحية اهتماماً ينعكس إيجاباً على الوطن؟ أرجو ذلك.

د. صلاح عبداللطيف العتيقي
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.