على اثر ظهور نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة واكتساح الاغلبية القبلية الاسلامية الخارجة من رحم الانتخابات الفرعية. وتجمعات الاسلام السياسي. وبعد تشكيل وزارة جابر المبارك الثانية والذي كان لمرجعي حدس والسلف مبارك الدويلة واحمد باقر اليد الطولي في تزكية وترشيح بعض أسماء الوزراء الذين قبلوا حمل الحقيبة الوزارية. صنفت الوزارة الجديدة على انها حكومة الاغلبية، الا ان نواب الاغلبية رفضوا ذلك التصنيف متسائلين باندهاش. كيف تكون حكومة الاغلبية. والوزيران الشمالي وصفر عادا من الحكومة السابقة. بل هي حكومة الاقلية(…) من هنا اتضحت الرؤية. ان الحكومة لن تهنأ بالاستقرار ولن تنال رضى الاغلبية القريبة او المقربة منها ما بقي الشمالي وصفر جالسين في مقعديهما..!!
لذلك كان متوقعا ان تبادر الاغلبية الى ممارسة الضغط على رئيس الوزراء بغية عزل الوزير الشمالي تمهيدا للتخلص بعد ذلك من الثاني (صفر)، غير ان خبرة وكفاءة الوزيرين فضلا عن ثقة القيادة السياسية بهما وثالثا كونهما من المكون الشيعي كل ذلك كان كافيا ليمتنع رئيس الوزراء عن مطالب الاغلبية المتهافتة وعزل الوزيرين..!!
وعليه. فلم يكن ثمة خيار ثالث امام تلك الاغلبية غير اللجوء الى خيار الاستجواب. حتى وان كان الاستجواب خيارا غير مضمون النتائج، لذلك فلقد كان متوقعا ان تستفتح مزايدات الاستجواب اولا على الوزير الشمالي. غير ان الحسبة تفركشت عندما سارع النائب صالح عاشور الى استجواب رئيس الوزراء على ذريعة الودائع المليونية، فتلاه النائب سيد حسين القلاف باستجواب وزير الاعلام على قضيتي قناة سكوب وجريدة الدار وثمة استجواب ثالث برسم العرض في الجلسة القادمة وهو المقدم من النائب محمد الجويهل الى النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ احمد الحمود الجابر الصباح..!!
واذا فرضنا ان استجوابي عاشور والقلاف كانا حبرا على الورق وانهما تكتيك سياسي ومضيعة لوقت المجلس، ومثلما مرا دون ان يتركا اثرا، فاستجواب الجويهل لوزير الداخلية لن يكون الا شر منهما (يعني طايف). ولكن السؤال ماذا عن موقف الاغلبية ولماذا تأخروا حتى الآن عن استجواب وزير المالية مصطفى الشمالي؟ هل لأن الطبخة لم تنضج؟ ام انهم مختلفون على الشمالي ام انهم خائفون من مواجهته وهو المعروف بالجرأة ورد الصاع صاعين على خصومه؟ وقد شاهدنا بروفة اولية لسيناريو الاستجواب المتوقع للشمالي حينما نعت النائب عبدالرحمن العنجري في جلسة الاسبوع الماضي الوزير الشمالي بما لا يليق. فما كان منه الا ان الزمه حدوده ما جعل العنجري يصمت صاغراً…!!
من هذا المشهد الدراماتيكي الذي جرى بين الوزير والنائب يمكن الاعتقاد ان عَظْمة الشمالي قوية لا تنكسر بسهولة، وان من يريد مصارعته ينبغي ان يتأكد ان عَظْمته اقوى..!!
مصطفى الشمالي ليس بوزير مالية عادي، فلقد قضى سنوات خدمته الوظيفية موظفا في وزارة المالية، فهو بحق ابن وزارة المالية. حيث تدرج في الوظيفة الى وصوله للمناصب القيادية فوزيرا، وما تمسك القيادة السياسية به الا لانه الرجل الاجدر والاكفأ في موقعه الحساس.
واما الزعم بالفساد والاستغلال الوظيفي في الاجهزة التابعة له ما هو الا ذرائع للشحن والتسخين تحضيرا لمنازلة الاستجواب، ولكن رغم تهديدهم لا يبدو انهم صادقون لعلمهم ان الشمالي قادر على غلق اوسع فم يفتح عليه، لذلك نراهم كلما اقترب موعد الاستجواب هربوا الى الامام وتذرعوا بالتأجيل لا سيما انهم مختلفون على موضوع الاستجواب ولا يبدو أنهم سيتفقون، بدليل تغيير لهجتهم من التهديد بالاستجواب الى التهديد بالاقالة. حيث صرح النائب فلاح الصواغ وهو من غلاة الاغلبية قائلا: «نواب الاغلبية يمهلون الحكومة اسبوعين لاقالة الشمالي» ليش الاسبوعين؟ ليش ما تستجوبونه اذا عندكم عليه شي..؟!! تهديد الصواغ لا تفسير له الا انه دليل عجز وافلاس ومحاولة يائسة من تلك الاغلبية المتهافتة على حفظ ماء الوجه، فتهديدهم لا يهز شعرة من (صلعة) الشمالي ولا يربك الحكومة وخلاصة القول من له خلاف مع الشمالي فليواجهه بشجاعة الفرسان وجها لوجه..!!
واختم مقالتي هذه بخاتمة لمقالة الزميل فيصل الزامل الكاتب في جريدة (الانباء) وللعلم الزميل الزامل رجل اقتصاد ناجح مثلما هو كاتب ناجح وكانت مقالته عن الوزير الشمالي وعنوانها «مصطفى الشمالي» يقول الزميل في خاتمة مقالته «المؤسف حقا اننا في الكويت لا نسمح لهذا النوع من القادة بالعمل مثل ما يجري هذه الايام مع الوزير مصطفى الشمالي ابن وزارة المالية الذي لم يقفز اليها بالطرق التي نراها». ثم يضيف «ولابد هنا من توجيه الشكر الى الاخوة النواب الذين اخذوا موقفا صلبا ضد الطريقة المستعملة في هذا الموضوع ونأمل ان ينجحوا في الحفاظ على القيادات الاقتصادية في البلد. هذا مستقبلكم: عيالكم اولا وعيال ناخبيكم ثانيا».
يا سيدي. هل هؤلاء يهمهم مستقبل البلد ومستقبل ابناء ناخبيهم؟ ان هؤلاء عبدة الكرسي وتحقيق امجاد شخصية..!!
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق