سامي النصف: انقسام وتقسيم

لم تطل فرحة جماعة الصوت الواحد بالانقسامات والانشطارات التي حدثت في معسكر أصحاب الأربعة أصوات، حتى تواترت الأنباء عن انقسامات أشد وأخطر في معسكر الصوت الواحد طالت حتى رئيس مجلس الأمة السياسي الخلوق علي الراشد، حيث انقسم النواب الى معارضين ومؤيدين للعودة السريعة لمسار التأزيم والتسخين والاستجوابات على «الهوية» وليس على القضية، أي استقصاد المسؤول لشخصه ثم البحث عن مبررات وادعاءات وأكاذيب لاستجوابه، وليس هناك ظلم وضرب لمصداقية المستجوب أكثر من هذا، ولو كانت هناك «لجان قيم» فاعلة في المجلس، لحاسبت وعاقبت مثل تلك التصرفات الطائشة والدافعة للفساد التشريعي.

***

مع سقوط الاتحاد السوفيتي أواخر الثمانينيات، انفصلت وانقسمت عنه جمهوريات كانت جزءاً من حكم القياصرة لقرون طوال، والحال كذلك مع انقسام وانشطار بعض دول الربيع الأوروبي ابان ثورتهم المخملية عام 89 والذي أصاب بلداناً مثل جمهوريتي يوغوسلافيا وتشيكوسلوفاكيا، وكانت الوحدة قائمة بين مكونات تلك الدول تمتد بأطول كثيرا من وحدة دولنا العربية وآخرها وحدة اليمنيين.

***

وعليه فمنطق الأمور يرى أن دولنا العربية ذاهبة وبنسبة تقارب 100% الى الانقسام والانشطار، حيث ان حساب الدم والتفرقة والتمييز الذي تراكم عبر السنين بين مكوناتها كبير وثقيل جدا ولا يحتمل بقاء تلك المكونات ضمن دولة واحدة ولا ينحصر الأمر هنا بدول عربية كثر الحديث عن انقسامها مثل سورية واليمن والعراق وليبيا وما تبقى من السودان، بل يشمل ذلك الأمر أغلب الدول العربية الأخرى التي سينشطر البعض منها سريعا في الفترة الممتدة الى عام 2015 ثم يستكمل تقسيم الباقي قبل عام 2020 بالتأكيد.

***

وحتى لا نتهم الآخرين بالتآمر علينا، فالانقسام محتمل جدا لأغلب الدول الأوروبية، حيث سيصوت العام المقبل على انفصال اسكوتلندا عن بريطانيا، وهناك حركات انفصالية نشطة في روسيا (الشيشان وتترستان وانغوشيا وداغستان) وفرنسا (الباسك وكورسيكا) واسبانيا (الباسك وكاتالونيا والاندلس) وألمانيا (بافاريا) وبلجيكا (فيلمش) والتشيك (مورافيا) والدنمارك (غرين لاند) والبوسنة (دولتان للكروات والصرب)، وفي دول شمال أوروبا الثلاث فنلندا والسويد والنرويج هناك حركة شعب سامي «SAMI PEOPLE» الانفصالية المكونة من الشعوب الاصلية لتلك البلدان، وعلى ضفة الأطلسي الاخرى تحفل الولايات المتحدة بالحركات الانفصالية مثل الحركات المطالبة بانفصال ألاسكا بأقصى الشمال وانفصال الجنوب بأكمله، وخلق جمهورية تكساس على تخوم المكسيك، وبالطبع ستقوى أو تضعف تلك المطالبات الانفصالية في بلدانهم طبقا لما سيحدث في بلداننا ضمن مفهوم القرية الصغيرة التي تجعل الشعوب تتأثر ببعضها البعض، فإن تمت عمليات الانشطار هنا عبر حروب أهلية وبحور من الدماء، ضعفت مطالبات الانفصال هناك، وإن تمت عبر التراضي ونتج عنها دول جديدة مزدهرة ومتعاونة، قويت مطالبات الانفصال هناك.

***

? آخر محطة: كتب الكاتب الأشهر في العالم توماس فريدمان ضمن مقاله قبل أيام في جريدة «نيويورك تايمز» مشيرا لدراسة لعالم اقتصاد شهير في جامعة هارفارد والتي تربط التسامح الاجتماعي والسياسي بالنمو الاقتصادي، طالبا من الجمهوريين أن يتوقفوا عن مناكفة الحكم، وأن يتعاونوا مع الديموقراطيين عبر لجنة مشتركة لينعكس توافقهم السياسي على عملية النمو الاقتصادي.. ومنا لجهابذة التأزيم في المجالس الحالية والسابقة و.. اللاحقة!

samialnesf1@hotmail.com
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.