عبداللطيف الدعيج: بقشيش… رفيق

تقدم النواب بدر البذالي وحمد المري وفيصل الكندري وناصر المري باقتراح يحدد الراتب الأدنى للمواطن الكويتي بألف وخمسمائة دينار، الى جانب زيادات مهولة في العلاوات والقروض، بالمناسبة الألف وخمسمائة دينار هي عشرة أمثال الأجر الأدنى للعامل في الولايات المتحدة. وإذا أضفنا مجانية الماء والكهرباء والوقود والمدعوم من مواد أولية، فإن الموظف الكويتي راح يشغل عشرة عمال أميركان عنده. ولم يكتف النواب الاربعة بهذا الاقتراح فوق السخي، بل مضوا أبعد في «تكريم» المواطن الكويتي، الذي، كما قلنا يوم الخميس الماضي، ينام النهار ويهيت بالمجمعات والأسواق في الليل، وذلك بحجز جميع وظائف البلد الراقية له، باستثناء وظائف التنظيف والعتالة. يعني الكويتي محجوزة له كل الوظائف عدا الحمالي والخمام.

هذا الاقتراح عاد بي إلى سنوات الخمسين، كان عمري ربما أقل من عشر سنوات. بس من زيادة الشطانة أذكر أنني مع -ولد خالتي- مساعد المبيلش، وهو يكبرني بثلاث أو أربع سنوات، ذهبنا الى سينما الهنود في الأحمدي. لماذا سينما الأحمدي وليس سينما الشرقية، لأن سينما الأحمدي ببلاش والرحلة الى الاحمدي ايضا. فأجرة الطريق من الصفاة الى الاحمدي مجانا عبر «تريلة» شركة نفط الكويت. وهي سيارة بلا معاونات او «سبرنغات» تخض بطنك طوال مسافة الطريق التي تتعدى الساعة، يتم تسييرها ايام العطل من الصفاة الى الاحمدي.

سينما الهنود في الاحمدي محرمة -مثل السينما الأرقى منها المخصصة للبيض أو الأوروبيين- محرمة على أبناء البلد الأصليين باعتبار الهنود «أرقى» جنسا منهم. لهذا كنا مع الكثير من الكويتيين في تلك الأيام نقتحم السينما بالقوة بعد بداية الفيلم. وأعتقد وقتها أن «السلطات» كانت تخجل من محاسبة الكويتيين على هذا الفعل، لهذا تركت السينما او هذا التقسيم بين الهنود والسكان الأصليين دون حماية. على فكرة الفيلم كان من بطولة بريجيت باردو ومن دون تقطيع، بس لم يعن شيئا لابن عشر سنوات في ذلك الوقت.

الهنود كانوا متفوقين على الكويتيين ليس في السينما فقط، بل إن الحكومة او الادارة الكويتية في ذلك الوقت كان محرما عليها محاكمة الهنود او القبض عليهم الا بعد استئذان السفارة البريطانية. يعني الهندي وقتها كان حاله حال مسلم البراك. ليس هذا وحسب بل إن الاطفال الكويتيين كانوا ينظرون للمقيم الهندي كمصدر رزق، خصوصا في الاعياد والمناسبات حيث يركضون خلفه «بقشيش رفيق»، يعني بالعربي.. الكويتيون كانوا يطرون من الهندي.

إن شاء الله النواب الأربعة يتذكرون هذا، وإن كانوا أصغر سنا فعلى الله يقرأون ويتمعنون في هذا المقال.

•••

• بقشيش أو بخشيش تعني إكرامية، وإذا استخدمت كفعل, يعني بخششه, فتعني اشترِ ذمته.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.