الدكتور عبدالله العتيبي (1)
الصامدون كافحوا المحتل وألقوا الرعب في قلبه
في اثناء الغزو العراقي للكويت كانت النفوس بين محبطة وقلقة، وكان وسط النفق المظلم بصيص امل عند البعض منهم الشاعر الكبير الدكتور عبدالله العتيبي:
يا سارق الأرض مهلاً
ففي غد سوف تُقهر
إني بعينك جمرٌ
وبين جنبيك خنجرْ
فسوف تمضي ونبقى
فنحن بالعيش أجدرْ
وقال:
غداً تعود المواكب
كالشمس في كل جانب
والملتقى في الصفاة
هكذا كان امل الدكتور عبدالله العتيبي في عودة البلاد، ونصر المدافعين وعودة شرعيتهم.
وقدر بطولة الصامدين رغم قوى البغي وجيوشه الجرارة، وعدم التزام المعتدي بخلق العسكرية، الذي حرك آلياته الثقيلة نحو الاسواق والطرقات في المدن والقرى، واقتحم المساجد والمنازل وقاد المدنيين اسرى لزجهم في سجون العراق.. واجري القتل عند ابواب المنازل، مع ذلك اقدم الصامدون على النضال والكفاح فألقوا الرعب في قلوب المعتدين.. هنا قدم الشاعر تحية للصامدين الابطال:
أيها الصامدون فوق ثراها
لكم المجد والثنا والتحية
أيها الصامدون مثل جبال
راسيات على الرياح عصية
???
وعبدالله العتيبي هو الشاعر الوحيد في البلاد الذي رافقه الامل في تحرير البلاد وخلاصها من براثن الجيش العراقي المعتدي.. ولم يسيطر عليه القلق ويمنع عطاءه الشعري، فكان طائر البشرى يحوم حوله، فقال فيه ديوان شعر كاملاً، على الرغم من ظلمة الرؤية كان الأمل والنور يوحيان له بالبشرى، فيسطع النور من حوله لينشد الشعر.
بنصر بلادي جاءني طائر البشرى
فجدد شوقي للغنا مرة أخرى
فصارت ضلوعي للكويت ربابة
تترجم شوق الفارس للفرحة الكبرى
وصارت حروفي للكويت سنابلاً
اذا فاتها الاعصار من بعده قفرا
توغلت في ذاتي فابصرت «ديرتي»
فاطفأت في اسيافها مهجة حرى
فسالت دموعي فوق رمل عشقته
وعانقت ارضا قد وهبت لها العمرا
تشبثت فيها وهي مثلي تشبثت
فبحنا ولم نترك باعماقنا سرا
وطاف خيالي في (سكيك) مدينة
بها ترك التاريخ من فجره عطرا
هنا السيف و«الأبوام» تتلو بصمتها
عليك.وتروي عبر ألواحها سفرا
وطوفت «بالفرجان» أنشد أمسها
لنجعله في النائبات لنا ذخرا
فألفيت فوق «السور» أروع حكمة
اذا كانت الدنيا ظلاما فكن بدرا
وقدر كل التقدير من رابط في الأرض واحتضنها رغم الأسى
وكن لاصقا بالأرض مثل ترابها
فمن عافها عبدْ وان قد بدا حُرا
ومن لم تكن في قلبه مثل نبضه
فليس حريا ان تكون له قبرا
ومن لم يكفكف دمعها ساعة الأسى
فلا يرتجي من غيمها أبدا قطرا
وسرت إلى الصحراء شوقي يقودني
إلى خيمة للضيف لا تعرف السترا
الكويت نشأت على ارض بكر، فلم تغتصب، ولم تشرع سيوفها، ولم تسل دماء عند نشأتها، وعرف اهلها بالطيبة والكرم ومساندة الغير:
هنا بدأ التاريخ أول خطوة
هنا والليالي من هنا بدأت بكرا
بلادي بلادٌ طهر الحب قلبها
فما نقضت عهداً ولا أضمرت غدراً
وما حملت يوما لقوم ضغينة
وما كشفت عن بعض عوراتهم سترا
بلادي اذا اشتدت على الناس كربة
تكون منارا للسنا يرشد الحيرى
بلادي اذا جاءت تكون سحابة
تسحّ ولا ترجو جزاء ولا شكرا
رجال بنوها وهي صحراء بلقع
وقد طوفوا من أجلها البر والبحرا
بلادي حماها من قديم رجالها
وقد ركبوا من أجلها المركب الوعرا
الى أن اراد الله آخر سعيهم
جميلاً فصار الرمل من تحتهم تبرا
وصارت بفضل الله تسبق عصرها
وصار يحاكي خطوها الدول الكبرى
بلادي ملاذ الخائفين ومثلهم
إذا ما أكفهر الدهر صارت لهم سترا
هكذا بدد الدكتور الاستاذ عبدالله العتيبي ظلمات الظلم، والقهر الى انوار الأمل وبشرى النصر والتحرير.. وصار مع الاغاني الوطنية وافراح الاعياد رمزاً للبهجة والحب.. رحم الله عبدالله محمد العتيبي.
عبدالله خلف
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق