صلاح الفضلي: شعيط ومعيط

يروى أن شخصا اسمه «شعيط» كان يعمل في مهنة دفن الموتى وكان من عاداته أن يسلب الكفن من الميت ثم يعيده إلى قبره. وبعد وفاة «شعيط» اشتغل ابنه «معيط» في نفس مهنة والده في دفن الموتى، وكان كلما مر بين الناس يسمع سباً وشتماً لأبيه وهو لا يعلم لماذا يسبونه. وذات يوم قرر أن يعرف الحقيقة من والدته وعن سبب سب الناس لأبيه، فقالت له والدته إن أباك كان يسلب أكفان الموتى، فقرر «معيط» في نفسه أن يجعل الناس تترحم على والده وتتوقف عن سبه، فكان فكلما مرت عليه جنازة وهمّ بدفنها عمد إلى نبشها وأخذ الكفن منها وقام بتكسير عظام رجلي الميت، ثم إعادته إلى قبره. فلما سمع الناس ما يفعل الابن «معيط» صاروا يترحمون على الأب «شعيط».
هذا المثل ينطبق على حالنا مع الحكومات المتعاقبة خلال السنوات السبع الماضية، فعندما كانت الحكومة برئاسة الشيخ ناصر المحمد تم اتهامها بالفساد ومحاولة الانقلاب على الدستور وشراء ذمم النواب، ولم يبق في قاموس شاعر الهجاء الحطيئة من أوصاف إلا واستخدمها خصوم ناصر المحمد ضده، ثم انتهى الأمر بالمعارضين بالمطالبة بسقوط حكومة الشيخ ناصر ورفعوا شعار «ارحل يا ناصر».
بعد رحيل ناصر المحمد جاءت حكومة الشيخ جابر المبارك، وظن الجميع أن حكومته سوف تكون أفضل حالاً من حكومات الشيخ ناصر وأننا في عهده سوف نشرب المن ونأكل السلوى، وأنه سوف يمر علينا في عهده أعوام «يغاث فيها الناس وفيها يعصرون» وأن الأمور سوف تصبح «سهود ومهود»، ومر على حكومة الشيخ جابر المبارك ما يقرب من تسعة أشهر منذ إبطال المحكمة الدستورية لمجلس 2012 كانت تسرح وتمرح فيها دون حسيب أو رقيب، وإذا بنا نفاجأ بدلاً من الشهد والعسل الموعود بأن خازن بيت المال مصطفى الشمالي يبشرنا بالضرائب والرسوم على الخدمات، في الوقت الذي تعلن فيه وزارة الدفاع عن صفقة سلاح جامبو من الولايات المتحدة بقيمة 4 مليارات دولار وكأننا على وشك حرب مع إحدى القوى العظمى في العالم.
حال الناس في الكويت مع الحكومات المتعاقبة التي أصابتهم بالإحباط والتشاؤم تجعلهم لا يرون فرقاً بين «شعيط ومعيط».
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.