حسن كرم: وزارة للشباب.. شيء جيد.. ولكن

استحداث حقيبة وزارية تعنى بشؤون الشباب خطوة جيدة. رغم تأخرها، وقد قيل ان تصل متأخراً خير من ألا تصل ابداً..
ولكن.. هل استحداث هذه الحقيبة الى جانب هيئة الشباب والرياضة هل هي اضافة مؤسسة بيروقراطية جديدة الى جانب المؤسسات البيروقراطية التي ما اكثر مسمياتها وتسمياتها وما اقل انتاجها؟! بشوت تدش وبشوت تطلع وميزانيات مليونية ترهق خزينة الدولة. والانتاج صفر على عشرة..!!
يتشكل مانسبته %62 من الكويتيين من فئة الشباب دون الاربعين %25 من هؤلاء دون العشرين واذا اضفنا الى هؤلاء المقيمين والذين في الغالب الاعم من فئات عمرية شبابية، نستطيع القول بان سكان الكويت – مواطنين ومقيمين – شباب..
فماذا يعني ذلك لدولة غالبية سكانها من الشباب وماذا تعني للمجتمع.. وماهي متطلبات ومطالبات.. و احتياجات وحاجات الشباب. وكيف تفكر الدولة لتلبية تلك المطالبات والطلبات والحاجات والاحتياجات الشبابية..؟!
خلال العقود الاربعة الاخيرة انصرفت الدولة عن رعاية المتطلبات والاحتياجات الشبابية غير ناظرة للمتغيرات والتحولات الحاصلة في المجتمع من ناحية الطفرة السكانية المتصاعدة والمخيفة (لاكويت اعلى نسبة زيادة شكالية سنوية في العالم) ومن ناحية تزايد اعداد المتعلمين من حملة الشهادات الاكاديمية. ومن تزايد النسبة العالية للشباب من الجنسين والاتصال بالمجتمعات الاخرى سواء بالاتصال المباشر وغير المباشر. خصوصا في مجتمع منفتح يسهل الاتصال والتواصل مع الآخرين بشتى السبل والوسائل مثل مجتمعنا الكويتي..
لقد كانت الكويت الدولة الرائدة والنموذجية والتقدمية الى عقد السبعينات من القرن الماضي. فكانت رائدة في مجالات الفنون والثقافة والرياضة والتعليم وغير ذلك. وهذه كلها متطلبات وطلبات الشباب التي من خلالها يحقق الذات ويحقق الطموح. غير ان النكسة او الوكسة كانت عندما تخلت الدولة عن دورها الريادي مركزة على الهم الامني والسياسي متناسية ان خير وسيلة للسيطرة على الامن، هو تشغيل الشباب بما يفيد.. فالفراغ هو الداء الاخطر الذي يفتك بالاجساد ويقصر الاعمار ويدفع بالشباب للضياع والانحراف ويقود على الكسل والبلادة.
لذلك فلا عجب لماذا تراجعت الدولة عن مكانتها المتقدمة والريادية قابعة في ذيل البلدان التي كانت الى حين من الدهر لم تكن شيئاً مذكورا.
لعل اهمال الشباب هو احدى العقوبات القاسية التي فرضتها الدولة جراء عدم الادراك على المجتمع وعلى سمعتها وعلى مكانتها كدولة كانت رائدة، فالشباب هم عماد الدولة وطاقتها النابضة والواعدة. فكم قصرت الدولة بحق الشباب والفتيان في زمن حساس كان لزاماً عليها احتضانهم وتسخير كافة الامكانيات التي تساعد على تفجير للجمعيات والاحزاب الدينية الاصولية المتشددة التكفيرية والظلامية. وصيداً سهلاً لتجار المخدرات والاجرام. من اوصل شبابنا الى معتقلات وغونتانامو وكهوف توربورا والجهاد في العراق وسورية والبوسنة غير احتضان تجار وسماسرة الحروب وتجار وسماسرة الدين لهؤلاء الشباب وتخلي الدولة عن دورها الوطني..؟!!
وفي الستينيات من القرن الماضي اي منذ خمسين عاما اسست الدولة (14) نادياً رياضياً وبضع دور لا تتعدى أربعاً لتقديم الاعمال الفنية والمسرحية. ومنذ ذلك الحين الى يومنا الراهن توقف نمو الدولة وبالتالي توقف اي مشروع تنموي يفيد الشباب. وما زاد الكارثة هو الفتاوى الظلامية الزاعمة بتحرم الفنون والغناء والموسيقى والرسم! مما زاد من فجوة الفراغ لدى غالبية الشباب ولجوئهم للعنف والرعونة سواء في الشارع او في الاسواق وغير ذلك من الاماكن»..
في خلال الخمسين سنة الماضية زاد عدد سكان الكويت وعدد الكويتيين نحو خمس مرات.. ورغم ذلك فلم تع الدولة خطورة الزيادة السكانية بدون حلول جديدة وانشآت هيئة الشباب والرياضية. فكانت اسما على غير مسمى، لا انتاج حقيقياً على ارض الواقع، مناصب مرموقة ووظائف وجاهية واموال تصرف وانتاج ماميش، وعندما تنشئ الدولة حقيبة وزارية للشباب بديلاً عن الهيئة فهذا دليل على فشل الهيئة وفشل قياداتها. لذلك فالدور الآن منوط بهذه الوزارة الفنية والقيام بما فشلت الهيئة الرياضية في تحقيقه. وذلك بتهيئة كافة الاحتياجات الشبابية المطلوبة من اندية رياضية جديدة ومسارح ومراكز شبابية وصالات للعروض والاعمال الفنية والثقافية.. الخ.
علينا ان ننفض غبار السنوات الضائعة، والنهوض من جديد. فالدولة تنهض بشبابها ومستقبل الدولة معقود بابنائها من الفتيان والشباب.. ولنعلم ان الكويت ولادة وان مجتمعنا شبابي ويعج بالكفاءات والمواهب والفرص الضائعة.

حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.