أصبح متعارفاً عليه في بعض المجتمعات الغربية إستعمال “شبكات التواصل الاجتماعي” لبث التوعية البيئية والثقافية والاجتماعية والتعليمية. فبسبب ملل كثير من الغربيين من السياسة والسياسيين في بلدانهم وبسبب تجاوز المجتمعات الغربية بعامة تراهات وتخاريف خطابات الكراهية البالية وبسبب وصول تلك المجتمعات الغربية إلى مستويات راقية من التحضر المدني يتركز إهتمام كثير من الغربيين في عالمنا المعاصر على تداول المعلومات الطبية الجديدة وأخبار الأزياء والموضة والسياحة وطرق التعامل مع الاطفال والابناء المراهقين حل المشكلات المالية الاسرية, أي أن ما يلاحظه المراقب لنشاطات “تويتر” في هذا العالم الواسع هو إستعماله غالباً في إثراء الحياة الانسانية بمزيد من التجارب اليومية الناجحة وفي التغلب على المعضلات الحياتية ولبث النصائح الارشادية العملية. أما في الشرق الأوسط بعامة والعالم العربي خصوصاً, فلا يزال المسار الـ “تويتري” الأكثر شيوعاً هو إستعمال شبكات التواصل الاجتماعي لبث الخطابات السياسية الرنانة, أو للتحريض ضد الأقليات العرقية أو المذهبية أو لبث خطاب الكراهية و التفرقة الاجتماعية أو لترسيخ التطرف الديني والمذهبي أو لإعادة إحياء التعصب القبلي و التفوق الطبقي ! “تويتر” عند الغربيين “نعمة” ويبدو انه يوجد لدينا في الشرق الأوسط أشخاص يصرون على تحويله “نقمة” ووسيلة لترسيخ الفوضى والتسيب الوظيفي وعدم الالتزام بالواجبات وبالمسؤوليات الاجتماعية والوطنية المشتركة.
بل وفق دراسة جديدة بعنوان “المعرفة الـ “تويترية”: التغريد كإسلوب تعليمي” (2012) حول الاستعمال الأمثل لـ “تويتر” كشفت الاستاذة المساعدة كريستين غرينهو من جامعة “ميتشيغان” الأميركية أن طلاب الثانوية الأميركيين والذين يستعملون “تويتر” في الدراسة هم أكثر إلتزاماً بمحتوى المادة الدراسية وأكثر تفاعلاً مع معلميهم والطلبة الآخرين ويحصلون عادة على درجات عالية. ولقد كشفت غرينهو عن أن إستعمال “تويتر” زاد بنسبة كبيرة خلال سنتين إلى نحو 200 مليون مستخدم نشط و 175 مليون تغريدة. فوفق غرينهو يستعمل طلاب المدارس الثانوية “تويتر” للمشاركة مع زملائهم وللعصف الفكري Brainstorming)) بهدف تبادل الأفكار ويتعاون الطلبة عبر “تويتر” لإنجاز مشاريع تعليمية مشتركة ولعمل بحوث تعكس التطورات الحديثة في المجالات العلمية المختلفة. إضافة إلى ذلك, وجدت البروفيسورة غرينهو أن طلابها الجامعيين تفاعلوا معها بشكل إيجابي واكثر نشاطاً عبر تواصلهم معها عبر التويتر (المصدر- “يوريكا” 17-10-2012- ترجمة بتصرف).
وبالطبع, شتان بين من يستخدم “تويتر” لتكريس تعليم تفاعلي بين الأجيال الجديدة, وبين من يستعمل الأداة الالكترونية نفسها لإعادة إسترجاع طرق تفكير ماضوية عفى عليها الزمن ويرفضها عالمنا المعاصر والعصري.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
قم بكتابة اول تعليق