مؤسسات المجتمع المدني لعبت دوراً مهمّاً في تاريخ الكويت.. واليوم مطلوب تصويب دورها طالما أن لا بديل لها في تنظيمات سياسية معترف بها
لمؤسسات المجتمع المدني في الكويت تاريخ نضالي حافل منذ ما قبل الاستقلال، جسدت خلاله، وما انفكت، الحراك السياسي في البلاد صعوداً وهبوطاً على مدى عقود طويلة، جاء ذلك على حساب تطوير دورها المهني، كما جاء على حساب تكريس القيم والمبادئ التي قامت على اساسها فلسفة انشاء هذه المؤسسات، مثل: التسامح والتعايش والدمج المجتمعي، بل على العكس من ذلك، ظلت تغذي المجتمع بأسباب الفرقة في كل موسم انتخابي لمجالس اداراتها، بل وانزلق بعضها في دروب الفساد المالي والاداري في أسوأ صيغه وتنويعاته.
ورغم ذلك، تظل الحاجة ملحة لاستمرار هذه المؤسسات في أداء دورها السياسي المهم في غياب اعتراف رسمي من الدولة بالتنظيمات السياسية وباعتبارها متنفساً حقيقياً للطبقة المتوسطة، فضلاً عن ان بعضها تدخل اشكالاً من الممارسات السياسية في صلب اختصاصه، حتى وان لم يذكر ذلك صراحة في نظمها الاساسية ولوائحها الداخلية.
وكان الاولى بدلاً من اطلاق التحذيرات والتهديدات التي تضخ المزيد من التوتر والتصعيد في الساحة، ان تتفهم وزارة الشؤون هذه الاسباب العميقة. هذا الفهم الذي يفترض ان يقود الوزارة والاجهزة الحكومية ذات الصلة الى تصويب دور هذه المؤسسات على مدى متوسط وطويل، تدعم فيه بشكل مخطط أداءها المهني، وتكرس قيم المواطنة الصالحة من خلالها، بدلاً من ان تنطلق، كما هي حالها الآن من تلك الكوة الأمنية الضيقة، وما تلاقيه، من اغراءات تدفع بهذا الاتجاه من قبل بعض مؤسسات المجتمع المدني ذاته، فضلاً عن كتائب الدفاع البرلمانية ووسائل اعلام موجهة.
وما لم يطرح البديل في تنظيمات سياسية معترف بها، فسوف تواصل هذه المؤسسات اداء دورها الحالي، رغم كل سلبياته بشرعية الامر الواقع، وبحكم طبائع الأمور، مهما وُضِعَت حدود وسدود وخطوط محرمة بجميع ألوان الطيف.
ايها السادة، التفتوا الى التاريخ، فينا وما حولنا وما هو أبعد من ذلك، وانظروا كم مرة اضطهدت وحوصرت هذه المؤسسات وبأي صيغ عادت!
عبدالحميد علي عبدالمنعم
aa2monem@gmail.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق