الجواب سهل أينما كان إلا في الكويت عن سؤال: الأفراد يشبهون دولتهم أم دولتهم تشبههم؟ لو أخذنا بكل المعايير سيبقى السؤال يبحث عندنا عن إجابة!
هل الدولة تشبه أفرادها أم الأفراد يشبهون دولتهم، أم انها علاقة متبادلة؟
ليس سهلا الإجابة عن هذا السؤال، بسبب صعوبة تحديد معايير لقياس من منهما يشبه الآخر أو أن هناك علاقة تشبيه متبادلة، كأن نقول «فرنسا بلد الرومانسية» فهل يعني أن كل الفرنسيين رومانسيون يقضون يومهم بتبادل الحب على الرغم من تاريخهم الدموي في الثورات؟.. أو أن نقول «اليابان بلد الزلازل» فهل يعني أن الزلازل تعيق اليابانيين عن العمل والإنتاجية وهم أكثر الدول إنتاجية في العالم؟!.. أو نقول ان «كوبا بلد الحزب الواحد» فهل يعني أن الكوبيين دكتاتوريون على الرغم من أن نسبة الأمية لديها تكاد تصل إلى صفر في المائة، إضافة إلى أنها أكبر دولة مصدرة للأطباء؟!
وفق الأمثلة السابقة يصعب تحديد من يشبه الآخر، الدولة أم الأفراد، فالمثال الأول يشير إلى معيار الإنسان المتمثل في سلوك الأفراد بينما يعكس المعيار الثاني الظواهر الطبيعية، أما المعيار الثالث فهو انعكاس للنظام السياسي، وهو محدود إذا قورن بسلوك الأفراد.
وإذا استبدلنا المعايير في الأمثلة السابقة ستظهر نتائج مختلفة، مثلا، «فرنسا بلد الديموقراطية» و«اليابان بلد النظام» و«كوبا بلد الطب». وبالطبع، هناك العديد من المعايير الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، مما يزيد من صعوبة الإجابة عن السؤال.
لو أخذنا الكويت نموذجا لمعرفة من يشبه الآخر، الدولة أم الأفراد، وطبقنا عليها معيارين، مبدئيا، وهما الطبيعة (الأرض) والإنسان (الأفراد)، فسنجد أن طبيعة الكويت صحراوية جافة ويغلب عليها المناخ الحار على مدار العام، فهل هذا يعني أن الكويت بلد الجفاف والكويتيين ذوو طبيعة جافة؟.. وبالمقابل، إذا قلنا ان الكويتيين يكثرون من الإجازات المرضية والعرضية والاستئذان ومعدل الإنتاجية قليل، فهل هذا يعني أن الكويت بلد الكسل والخمول؟!
وإذا أخذنا بمعيار ثالث وهو النظام العام، فهل نستطيع القول ان الكويت بلد الديموقراطية، لأن هناك حرية النقد والتعبير عن الرأي (وليست سبا وشتما وقلة أدب) وانتخابات ودستورا ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، فهل هذا يعني أن الكويتيين ديموقراطيون ويتقبلون الرأي الآخر؟
يصعب تحديد من يشبه الآخر، وخاصة إذا تساءلنا: هل الكويت بلد التخطيط والتنمية لأن هناك خططاً تنموية، وهل يعني هذا أن الكويتيين تنمويون وتخطيطيون وينظرون إلى المستقبل أم أن «المركب سمّاري»، يُبحر على البركة؟
هل الكويت بلد سمّاري والكويتيون يشبهون بلدهم أم الكويتيون سمّاريون وبلدهم يشبههم؟.. سؤال يبحث عن إجابة!
أسيل عبدالحميد أمين
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق