خالد الجنفاوي: لهذه الأسباب أرفض القبلية والطائفية

أعتقد أن احدى المعضلات الفكرية تواجهها ساحتنا المحلية تبدو انها تتمثل في مسألة الانتقال الى تكريس المواطنة الصالحة كبديل عملي وعصري للقبلية وللطائفية. ففي عالمنا المعاصر وبخاصة في المجتمعات الديمقراطية بدأت تصبح المواطنة الهادفة أو الصالحة أو المواطنة الحقة بديلاً ناجحاً وهدفاً إجتماعياً وفردياً أكثر مشروعية وأكثر شمولية من الميول القبلية والطائفية والطبقية. فما يميز ثقافة المواطنة الصالحة في عالمنا المعاصر هو ديمقراطيتها وتجاوزها الطبيعي للتعصب القبلي والطائفي والاستعلاء الطبقي. فما دام عضو المجتمع المدني والديمقراطي المعاصر يحاول قدر جهده الالتزام بواجبات وبمسؤوليات المواطنة الحقة فهو يستمر يتشارك مع مواطنيه بكل فئاتهم وتوجهاتهم الفكرية المتنوعة في تحقيق حياة إنسانية يومية ومدنية تستند إلى مبادئ وقيم وأهداف عامة لا تسمح بطبيعتها بترسخ التفرقة الاجتماعية أو المحاباة والمحسوبية: فمن يهدف إلى تحقيق مواطنة صالحة في حياته اليومية لن يعيقه التعصب القبلي او الطائفي النمطي من تحقيق حياة شخصية مثمرة ومنظمة. بل سيستمر عضو المجتمع والذي يؤمن بمشروعية المواطنة الهادفة والعصرية يتعامل مع مواطنيه وفق شروط ومتطلبات وإستحقاقات مدنية يستطيع أغلبية أعضاء المجتمع التواصل معها وتصديقها وتنفيذها على أرض الواقع المحلي.
فلا يمكن في أي حال من الأحوال وبخاصة في عالمنا المعاصر فرض التفكير القبلي أو الطائفي قسراً على عامة الناس. فمجتمعنا الكويتي على سبيل المثال, من المفروض أنه تجاوز هذا النوع من الميول الفرعية لأنها أصبحت جوانب شخصية شديدة الخصوصية في الحياة الخاصة للأفراد. بمعنى آخر, لم يعد كثيرا منا ككويتيين يفكر بشكل قبلي بحت أو بشكل طائفي بحت أو يفكر أحدهم بشكل طبقي بحت عند التعامل مع المواطنين الآخرين. فسياقنا الاجتماعي المحلي ووفقاً لتطوره التاريخي لا يسمح بشكل أو بآخر بترسخ التعصب القبلي أو الطائفي: فمعطيات المواطنة الهادفة ومتطلبات الحياة المدنية المنظمة في مجتمع ديمقراطي هي الأكثر بروزاً والأكثر ترسخاً في حياتنا اليومية الواقعية.
أرفض السماح للتعصب القبلي أو الطائفي أو الاستعلاء الطبقي أن يخلق عوائق مصطنعة بيني وبين المواطنين الكويتيين الآخرين. فجميعنا كمواطنين ننتمي إلى مجتمع مدني واضح المعالم يستطيع من خلاله أي فرد تحقيق حياة إنسانية متكاملة. فالكويت هي لكل من أخلص لها وبذل الجهود الصادقة لتكريس وحدتها الوطنية. فالكويت ليست لقبيلة معينة, أو لطائفة معينة أو لطبقة معينة, فالكويت هي لجميع الكويتيين, بلا إستثناء. فلعل وعسى.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.