سامي النصف: حفظ الماضي هو حفظ للمستقبل

إن كان هناك درس مهم يمكن تعلمه مما حدث عام 1990 فهو ان غياب التوثيق وعدم الاهتمام بالحفاظ على التراث الكويتي يفتح الباب واسعا لمن يريد ادعاء التبعية وتزييف وقائع التاريخ، ولو حرصنا قبل ذلك على الحفاظ على تراثنا وأظهرناه عبر وسائل إعلامنا لكل العالم وجعلناه مزارا لكل زائر للكويت لما تجرأ أحد على تكرار المطالبة الكاذبة بنا.

***

مع تفجر الخير في حقبة الخمسينيات عمدت الدولة وتبعها المواطنون إلى التبرؤ من كل شيء قديم يذكرهم بـ «أيام الفقر»، وهو أمر قد يكون مقبولا على مستوى الأفراد إلا انه مرفوض على مستوى الدول، فبدأت عملية هدم سور مدينة الكويت القديمة الذي كان بإمكانه ان يبقى وتبقى المدينة التاريخية داخله ويكون توسع المباني الحكومية والتجارية في المنطقة الممتدة من السور حتى الدائري الثالث أو الرابع تتلوها المناطق السكنية التي كان لها ان تمتد الى الجهراء شمالا والأحمدي جنوبا، فلا تصبح هناك مناطق داخلية وخارجية، وقد تلا ذلك هدم البيوت والأحياء والأسواق التي تم تثمينها، كما قام المواطنون بدورهم بالتسابق على رمي وحرق مقتنيات بيوتهم القديمة.. ويا لها من أيام!

***

منذ سنوات ومحب الكويت وتراثها السيد أنور الرفاعي يعمل جاهدا دون كلل ودون دعم بل عبر عمل تطوعي ترعاه الشيخة أمثال الأحمد وتدعمه شخصيات مثل سمو الشيخ ناصر المحمد، على الحفاظ على ذاكرة الكويت وتراثها عبر تحويل بيت المحسن الكبير المرحوم عبدالله عبداللطيف العثمان الى متحف تراثي رائع يستحق وبحق ان يزوره الزوار الرسميون للكويت وطلبة مدارسها ومواطنوها ومقيموها بعد افتتاحه رسميا نهاية هذا الشهر.

***

تتبقى الحاجة لأن يدعم ذلك الإبداع والعشق للكويت الذي تحول الى عمل يفخر به البلد وأهل الخليج كافة، حيث ان تراثنا واحد، بتخصيص وقف خيري لتوفير الموارد المالية اللازمة لاستمراره، كما يجب ان تضم اليه مبان تراثية أخرى مثل قصر الشيخ خزعل وديوانه والقصر الأحمر وجميعها تمثل تاريخا مهما من مراحل تاريخ الكويت الذي نسيه بسبب الإهمال الشديد الكويتيون، فما بالك بالآخرين؟!

***

آخر محطة:

(1) ضمن مقتنيات بيت العثمان كتاب بخط اليد مدون فيه أعمال الخير التي كان يقوم بها المحسن الكبير عبدالله العثمان، ونقرأ ضمنها تبرعات لمساجد وأعمال خير في مكة والمدينة ومثلها تبرعات لكنائس وأماكن عبادة في لبنان وغيرها، كما تعكس دعم المرحوم للثقافة والفكر والأدب عبر التبرع لكتّاب إسلاميين وليبراليين وعلمانيين ويساريين دون تمييز، فالمهم الإبداع والتنوع.

(2) نتمنى شراء مقتنيات هواة التراث الكويتي، جزاهم الله خيرا على عملهم الخير، ثم عرضها بعد ذلك في مبان تراثية مثل قصر الشيخ خزعل والقصر الأحمر وبيت ديكسن ودكان الشيخ مبارك في المباركية كي تعم الفائدة، بدلا من محدودية النفع من مقتنيات تراثية لا يراها إلا أصحابها وقد يفرط فيها أقرباؤهم بعد وفاتهم.

(3) وكويت المركز المالي الهادف لاجتذاب المستثمرين والسائحين في حاجة ماسة لخلق سوق للتراث يعشقه الخليجيون والعرب والأجانب، شبيه بسوق خان الخليلي المصري، يخصص لتجار التحف والتراث، أمثال الزميل أحمد شمس الدين وصحبه، بدلا من ترك تلك المحلات في سرداب إحدى العمارات التي لا يعلم بمكانها أحد.

samialnesf1@hotmail.com
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.