وارد جدا ان يتصالح المعارضون مع الحكومة بشكل او بآخر.. ووارد اكثر الا يتم ذلك.. وارد جدا ان يتنازل الطرفان عن بعض الامور مقابل ان تتم حلحلة الموضوع وتنسيم التأزيم بشكل مريح نوعا ما.. ووارد الا يتم ذلك ابدا.. وارد جدا ان تسلك الحكومة امورها مع المعارضة تجنبا لاي تأزيم قادم.. ووارد اكثر انها لا تفكر في ذلك ابدا.
ولكن.. وما ادراك بـ «لكن».. اذا ما صدر حكم المحكمة الدستورية لمصلحة الصوت الواحد.. وفقد المعارضون كل وسائل المعارضة، كما خسروا كل النتائج التي كانوا يتوقعونها.. بكل الاساليب القاسية التي انتهجوها لاسماع صوتهم.. أين حق الشعب الكويتي من كل ما لحق به من ضرر جراء ذلك الحراك الفوضوي الصاخب الذي تجاوزوا فيه القانون والدستور؟
اين تداعيات كل ذلك عندما انتشر الخوف والهلع والفوضى في شوارع بعض المناطق؟.. اين التخريب الذي لحق بسيارات الشرطة والاعتداء على افرادها؟.. اين تداعيات كل هذا عندما انتشر الاحباط والقلق وحالة الخوف من المستقبل في تلك الايام العصيبة التي عاشتها الكويت، بسبب ممارسات اصروا على القيام بها متحدين القانون ورجال الامن.. من اجل اسماع اصواتهم بأي طريقة كانت وباي اسلوب، وان كان مرفوضا وغير مقبول في مجتمعنا.
اريد ان اؤكد هنا انني ضد اي تعد على اي انسان من اي جهة.. اذا كان ضد القانون.. حتى اذا كان من قبل وزارة الداخلية ضد بعض الشباب الذي شارك في كل اشكال الاعتراض.. اذا ما ثبت ان هناك تعدياً وتجاوزاً لا انسانيا عليهم… وهذا ما اتحدث عنه هنا.
وليتخيل القارئ معي شريط احداث الايام العصيبة الماضية من دون اقتحام مجلس الامة بهذا الاسلوب المرفوض شعبيا.. ومن دون مسيرات صاخبة ومن دون تخريب ومن دون سب وقذف، من دون تجريح ومن دون تهديد ووعيد.. من دون استغلال لبعض الشباب المتحمس لمجرد انه يعاني ازمات خاصة.. واستغلال لصغار وجدوا في المسيرات (اين تذهب هذا المساء).. بالتأكيد ستكون الصورة مختلفة اليوم.. في حال تم الانتهاء من موضوع الصوت الواحد قانونيا.. من دون الخضوع لكل الممارسات الاعتراضية الصاخبة السابقة.
لكم ان تتصوروا حالنا اليوم.. لو ان المعارضة نجحت في ممارساتها وضعفت الحكومة وخضعت لضغوطها التي استخدمت الشارع ميدانا والصراخ اسلوبا وهدر الكرامات منهجا.. لكم ان تتصوروا حجم الانا والانتفاخ الذي كانت ستصاب به المعارضة اليوم، التي نرفضها كلنا اليوم في اسلوبها وطريقة تعبيرها عن وجهة نظرها.. وانا هنا لا اعني ابدا المعارضة التي تنتهج المنطق اداة والاحترام اسلوبا.
لقد هدأ المجتمع اليوم وارتاحت النفوس.. وبالكويتي طخينا بعد العواصف التي كنا نتلاطم بسببها.. من خلال عناوين الصحف المرعبة صباحا.. او بأخبار المحطات التلفزيونية التي تجد في تصريحاتهم العالية وتهديداتهم وتجريحهم وقودا تشد به المشاهدين في برامجهم الحوارية ليلا.
اين كل الوجوه التي كنا ننام على صراخها في التلفزيون ليلا ونصحو على تصريحاتها المزعجة في عناوين الصحف صباحا.. اين هي اليوم؟.. بالتأكيد هي منعزلة لانتهاء دورها بعد ان قاطعت الحياة السياسية باختيارها.. وبعد ان ثبت لها انها اختارت الطريق الخطأ في التعبير عن اعتراضها.. لان هناك اساليب كثيرة اخرى اكثر رقيا وهدوءا وتأثيرا.. وقد تؤتي ثمارها.
يردد البعض ان المجلس الحالي لم ينجز شيئا.. وسأقول انني اتفق معه رغم انني لست كذلك.. نعم قد يكون هذا المجلس من دون اي انجاز كما كان المجلس المبطل والذي قبله.. ولكنه على الاقل يتميز بالهدوء الذي انعكس على نفسيات اهل الكويت الذين تعبوا وارهقوا من كل الازعاج ابان ايام المجلس المبطل.. هذا بحد ذاته انجاز.
إقبال الأحمد
iqbalalahmed0@yahoo.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق