سليمان الخضاري: وزارة الصحة … الحل الذي لا يتحدث عنه أحد

هنالك من مشاكلنا ما تم اشباعه بحثا وتحليلا، لدرجة أضحى الحديث معها عنه مثيرا للملل، بل أكاد أجزم أن أي مقال يمس بعض القضايا المطروحة مرارا وتكرارا سيتم تجاهله من معظم القراء بمجرد قراءة عنوانه!
من تلك القضايا والمشاكل ما يخص وزارة الصحة في الكويت وأمورها المزمنة، فمن قضايا العلاج في الخارج إلى نقص الأسرة، مرورا بنقص العلاج وقلة عدد المستشفيات، ولا ننسى المعارك الشرسة إداريا وفنيا، وكلها بالمناسبة أمور مزمنة يتم تداولها منذ عقود طويلة، كل هذا تم تناوله إعلاميا وداخل أروقة الوزارة، ويشكل بعضه مادة سياسية نيابيا أو إعلان مبادئ لأي إدارة جديدة على رأس الهرم الصحي، دون أن يتلمس المواطن بوادر حل حقيقي وجذري لمعظم أو بعض مشاكل هذه الوزارة العتيقة.
أين المشكلة؟ هل تكمن المشكلة في نقص الكوادر الفنية المؤهلة أو شح الموارد المادية؟ نكاد نجزم أن الإجابة هي بالنفي، فالكفاءة المهنية متوفرة في العنصر الوطني في الوزارة، وفي الكثير من الكوادر المهنية غير الكويتية، رغم كل ما نسمعه من تحفظات هنا أو هناك على تصرف فردي معين أو تشخيص أو تدخل طبي خاطئ من هذا الطرف أو ذاك. المشكلة في الحقيقة هي مشكلة هيكلية إدارية مهلهلة وفلسفة خاطئة أساسا في مفهوم إدارة العمل الطبي، فالكويت إحدى الدول القليلة أو النادرة في مصاف الدول الغنية التي تقوم وزارة الصحة فيها بوضع السياسات الصحية ومعايير تقديم الخدمات الصحية، وتقوم الوزارة نفسها بتطبيق تلك السياسات وتقديم الخدمة، ومن ثم تقوم الوزارة نفسها أيضا بتقييم الخدمة وتحديد مدى جودتها!
في ظل هذا الوضع الخاطئ الذي تقوم الجهة نفسها بالتخطيط والتنفيذ والتقييم، يستحيل تقريبا إحداث أي انتقال نوعي بالخدمات لمستوى أفضل، أضف لذلك المركزية العنيفة الضاربة بأطناب الوزارة منذ عقود، والتي نتج عنها كون جميع المناصب الإدارية والإشرافية الفنية في جميع مرافق الوزارة يتم تحديدها من قمة الهرم الصحي وانتدابا ولمدد قصيرة لا تكفي لتنفيذ أي مشروع حقيقي للتطوير والإصلاح الإداري والفني، ناهيك عما يشكله ذلك من تجاهل لرأي العاملين في كل مؤسسة صحية على حدة فيمن يجب أن يقودهم.
الحل الحقيقي والجذري والذي لا يتحدث عنه أحد في استقلالية المؤسسات المقدمة للخدمة، أي المراكز والمستشفيات، عن وزارة الصحة المنوط بها وضع ضوابط الخدمة وتقييمها، بحيث تصبح كل مؤسسة كيانا شبه مستقل بأطره الإدارية والفنية وميزانيته الخاصة والمستجيبة لنوعية الخدمات المقدمة من هذه المؤسسة وطبيعتها.
مشروع جبار؟ ممكن!
لكنه الحل الوحيد… في نظري على الأقل!

Twitter: @alkhadhari
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.