مضت سنوات على رحيلك الى أحضان الباري عز وجل لتسكن في مثواك الأخير وقد شاركت في عزائك حشود من المواطنين تودعك والألم يعتصرها في وداعك.
نعم، كنت سياسيا محنكا وذا مبادئ لم تحد عنها في يوم من الأيام، فلقد عاشرتك سنوات طويلة ورغم صداقتي لك لم اطلب منك مصلحة لي لان لديك القدرة على رفض أي طلب تشعر بأنه ليس لأحد الحق به حتى لو كان لا يخالف القوانين ولكنه يخالف الأعراف والتقاليد.
في جلسات الدواوين كنت تكسب وتقنع حتى خصومك بطرحك العقلاني وبحجتك المميزة وحرصك الدائم على لعب الكوت بسته لأنك من عشاقها وتفوز بها.
دواوين كثيرة عندما يزورهم أحد أعضاء مجلس الأمة في الأيام العادية وبدون موعد يتضايقون من تلك الزيارة لأن الغالبية منهم يرغبون في لعب الكوت بوسته ولكن عندما يقدم ابو قتيبة فالجميع يرحب به لأنهم يعلمون ان الحديث سيكون قصيرا ولأنه سيشاركهم باللعب لوقت أطول.
كثيرة المواقف السياسية التي مرت عليه وكان دائما خطه واضحا بها ففي احد انتخابات الدائرة الثامنة حيث كان ينضوي تحت احدى الهيئات السياسية وأعلن نيته للترشح مرة أخرى في الانتخابات طلبت منه هيئته ان يجري تصويتا لاختيار شخص من اثنين فاستغرب من ذلك الطلب رغم عضويته لمجلس الأمة وهو المرشح الأقوى في الدائرة، أما الثاني فليست له أي قواعد تذكر في الدائرة فسارع للانسحاب من فوره من تلك اللعبة السخيفة ونزل مستقلا ونجح بالانتخابات.
د.احمد الربعي شخصية مرحة ومتفائلة والبعض اختلف معه لمواقف سياسية دون ان يصل الخلاف الى القطيعة بل كان يحرص الى التواصل مع الناس بمن فيهم خصومه السياسيون.
لم يرضخ للواسطة عندما تسلم وزارة التربية ووضع الكثير من الخطوط خاصة جملته المشهورة «الهرم المقلوب» وعندما سألناه عن مقصده أفاد بان الاهتمام يجب ان ينصب على الطالب وليس على موظفي الوزارة وهو من وضع فكرة الطالب المميز حيث حرص على تشكيل فريق أكاديمي مهمتهم رعاية الطلبة المميزين والمتفوقين وإرسالهم الى الدول المتقدمة في فترة الصيف ليكتسبوا مزيدا من العلوم الحديثة، وقد استمرت تلك الفكرة سنوات طويلة بعد استقالته من الوزارة للعودة لعضوية المجلس حتى انه تعرض للمساءلة السياسية من خلال استجواب قدمه له خصومه السياسيون، ولكن سقط ذلك الاستجواب لقوة ردوده وحجته على مستجوبيه.
رحمك الله يا دكتور احمد الربعي.
alsraeaa@gmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق