خص الكاتب سمير عطا الله الازمة الكويتية الحالية بمقالة نشرتها صحيفة “الشرق الاوسط” في عددها الصادر في الاول من مايو الجاري, وفي تلك المقالة كتب مشاهداته وانطباعاته عن الكويت التي زارها اخيرا للمشاركة في منتدى الاعلام العربي.
اعتاد عطا الله على كويت الستينات والسبعينات من القرن الماضي حين كان الاداء البرلماني والامانة السياسية في قمتهما, فيما يرى اليوم ان هناك دعوة للانقلاب على الوضع في البلاد متسترة بأدوات ديمقراطية, وان معارضة اليوم لا تريد في الحقيقة اصلاحا, وانما تريد انقلابا, ولهذا انتقد عطا الله في مقالته صمت الاكثرية من المواطنين حيال ذلك, وسأل عن دور اهل العقل الذين لا يريدون ان يراهم احد متلبسين بالرد على الغوغاء ودرء خطرها, ورد ضررها وسمومها المتخفية تحت عباء المعارضة, وتساءل ايضا عما اذا كان الشتم تحت قبة البرلمان معارضة او ممارسة ديمقراطية او تخريب الاقتصاد وتدميره مظهرا من مظاهر المعارضة او السياسة?
لا شك ان الكثير من اهل الكويت, او من اسماهم عطا الله, الاكثرية الصامتة يتفقون مع ما ورد في مقالته هذه, فمعارضة اليوم اصبحت, وبكل اسف, متصدرة في مسألة انتهاك الدستور ومواده, ومحرضة على قمع الحريات التي نص عليها الدستور تحت ذريعة الدفاع عن التقاليد والمعتقدات!
هذه المعارضة التي رفعت يوما شعار “إلا الدستور” هي ذاتها التي تطالب بتنقيح بعض مواده, ليس من اجل الدفع بالمزيد من الحريات, وانما بهدف قمع وتحجيم ما جبل عليه اهل الكويت من حرية وانفتاح تقدمي فريد في المنطقة! معارضة اليوم, وبكل اسف, هي التي تدفع المجلس الى سلق القرارات المتعلقة بتغيير مواد معينة في الدستور خدمة لمصالحها الايديولوجية والانتخابية.
جلسات الردح والشتم وتشويه سمعة وتاريخ الناس تعقد تحت سمع وبصر المعارضة الحالية, ومن دون ان تكلف نفسها عناء الوقوف في وجه هذا النهج الشاذ في الاداء البرلماني الذي اصبح فيه الحوار يجري بالشتم القبيح او التشابك بالايدي تحت قبة البرلمان.
نعم, نحن نستذكر يا اخ سمير عطا الله, مجالس الامة الاولى والبرلمانيين الاوائل, نستذكر ذلك ونتحسر على زمن كانت فيه الديمقراطية الكويتية منارة يطمح اليها كل صديق وشقيق, يوم كان هدف المعارضة اصلاحيا بحتاً من دون حاجة منها الى دغدغة مشاعر الشارع باستجوابات هامشية او مغرضة, او الى اشتراط شعبية رئاسة مجلس الوزراء كمدخل الى المشروع الاصلاحي.
المعارضة التي رفعت يوما شعار “إلا الدستور” هي, بكل اسف, من ينقلب اليوم على الدستور ومواده, لكن الامل يبقى بأغلبية الكويت الصامتة التي ستحمل لواء الدفاع عن الدستور وستحمي الوطن من الوقوع في فخ التجاذبات والاستقطابات الطائفية والعرقية على حساب مصلحة الكويت العليا.
تهدى الامور باهل الرأي ما صلحت
وان تولت فبالاشرار تنقاد
لا يصلح القوم لا سراة لهم
ولا سراة لهم اذا جهالهم سادوا
حفظ الله كويتنا حرة ديمقراطية في ظل رعاية صاحب السمو الشيخ صباح الاحمد وولي عهده الامين.
* رجل أعمال
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق