ما لم يتنبه إليه الكثيرون وبالذات من مؤيدي القانون الخاص بتغليظ العقوبة على من يتطاول على الذات الإلهية وذات النبي محمد صلى الله عليه وسلم وزوجاته، أن إقرار هذا القانون يدل على خلل في القيم الدينية وفي فهم معنى العقيدة الدينية ورسوخها في نفس الإنسان.
ولقد جاء هذا القانون لينزع الصفة الإيمانية عن نفس المؤمن ويحل محلها سلطة السيف والتخويف وليختلط المؤمنون الحقيقيون بالمؤمنين الخائفين وبالمنافقين، وليصبحوا كلهم تحت راية واحدة وبقلب واحد وشكل واحد ولون واحد، لا تمييز بين مؤمنهم وكافرهم ومنافقهم وخائفهم.
وهذا الأمر ينطوي على مخالفة واضحة لحقيقة الإيمان وفهم ماهيته وجلاء المعتقد ووضوحه، وحسب ما يراه أهل الرأي فإن في هذا الأمر مخالفة صريحة للنهج الديني المبني على الاقتناع ورسوخ العقيدة الإيمانية رسوخا فطريا وأيضا عقليا، أي بسلطة القلب والعقل لا بسلطة السيف مثلما أراد هذا القانون!
وتدارك الخطأ العظيم والتراجع عنه – ولاسيما إذا ما كان هذا الخطأ يتعلق بالمعتقد الديني ـ هو بمنزلة الفريضة الإيمانية وليست اختيارا يتدخل فيه الحرج أو المكابرة أو الرغبة في الإصرار على الخطأ.
ويتبقى الأمل الآن معلقا على فهم الحكومة لخطورة مثل هذا القانون فتقوم برده ليصبح وكأنه اجتهاد مجتهدين أخطأوا فيما اجتهدوا فيه ونالوا أجر الاجتهاد.
إن تحريم المحرم هو مثل تعريف المعرف أو هو كمن «يفسر الماء بعد الجهد بالماء» وكمن يقول إن الشمس تشرق صباحا وتغيب مساء، لأن ذات الإله مصونة بالفطرة الإيمانية لا بالقوانين الوضعية التي يسترزق منها البعض ويتسولون مراكز أو جاها، والبدهيات الفطرية لا تحتاج إلى تشريعات وقوانين تؤكدها أو تلغيها، ولعل المثل يقرب إلى الأفهام المقاصد، فهل فكر أحد في تشريع قانون بتحريم زنى المحارم – مثلا -؟! بالطبع لن يفكر أحد في مثل هذا التشريع وذلك لأن هذا الأمر يتعلق بالفطرة الإنسانية – أولا – وبما قررته الأديان ـ ثانيا ـ وصار من المعيب سن مثل هذا القانون مثلما هو معيب سن قانون بصون الذات الإلهية الأجل والأسمى!
وغفر الله وعفا عمن ساقه الشطط إلى إقرار ذلك القانون!
katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق