صلاح الساير: شمس واحدة

تخشى الأم الخليجية على أبنائها من حرارة الشمس، فتحرص على إبقائهم في الظلال خاصة وقت الظهيرة، وبسبب هذه الخشية اختلق الأجداد حكاية «حمارة القايلة» لترويع الأطفال من ذلك المخلوق الخرافي الذي يخرج إلى الطرقات في القيلولة، وعلى العكس من الأم الخليجية تحرص السائحات الأوروبيات في الخليج على تعريض أجسادهن وأجساد أبنائهن لأشعة الشمس فيما يسمى حمام شمس.

شمس واحدة لها أكثر من تفسير وتأثير ومعاملة، ناس يهربون منها وآخرون يهربون اليها، فالذين توافرت عندهم الشمس منذ طفولتهم لا يطيقون لهيبها، أما الذين تغطي السحب سماء بلادهم المعتمة فيحملون حقائبهم ويأتون سائحين إلى الخليج متيمين بالشمس وحرارة الطقس الساخن.

هكذا هي الحياة تختلف أفكارنا وسلوكنا حسب بيئتنا وثقافتنا وحاجاتنا، وكل شخص يختار ما تعود عليه، فاللبناني يحرص على شرب القهوة مثلما يحرص المصري على الشاي، واليابانيون يأكلون أعشاب البحر وفي الخليج نأكل الجراد وفي آسيا الوسطى يشربون حليب الخيل، وفي ايرلندا يرتدي الرجال «التنورة» التقليدية الشهيرة دونما خجل أو وجل.

إنها الثقافات والعادات الموروثة والأفكار والآراء تختلف وتتعدد، وذلك أمر نجهله نحن المأسورين في ثقافة متزمتة لا تؤمن بالاختلاف والتعدد حيث لا أحد يصف الآخر بأنه «مختلف» بل نسارع جميعا لاحتكار الصواب لأنفسنا ودمغ الآخر بالخطأ وتحميله وزر الخطايا.

www.salahsayer.com
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.