لا أدري إن كان بينكم من هو مثلي، يتعرض لنقد الذات ويستقبل عتاب ذاته على ذاته لأمر قصّر فيه…
هذا ما حدث لي عندما اعدت قراءة مقال الجمعة الماضية واكتشفت خلوه من بعض النسمات الايجابية الحلوة التي مرت بـ«الوطن» اخيرا تشير الى طريق منير يمر بالبلاد له مصادره الثلاثة: (1) الحكومة برئاسة سمو رئيسها الشيخ جابر المبارك الصباح. (2) مجلس امتنا الجديد الحريص على توخي العقلانية – رغم الاختراقات التي تشتعل لكنها لا تلبث ان تنطفئ وكذلك. (3) حرص نساء الكويت على الانجاز في أي موقع يجدن انفسهن فيه.
تلك النسمات شعرنا بها في (1) دعم حركة وصول المرأة الى مراكز النيابة العامة المؤدية بإذن الله الى كرسي القضاء ان شاء الله اولا ومشيئة الدولة التي تقودها الحكومة ومجلس الامة ومشيئة المرأة المؤهلة القادرة التي كانت وما زالت ترفع الرأس – بلا تحيز اقول هذا والله شاهد عليَّ.
وفي (2) اختيار وكيلة للتربية.. عضوا من اعضاء جسد الوزارة.
و(3) ارسال الدكتورة رولا دشتي وزيرة التخطيط وشؤون مجلس الامة في مهمة كبيرة جدا الى الصين معنية بالتنمية ومستقبل الكويت.
قلتها بالامس واقولها اليوم لأسحب منكم ابتسامة ان مستقبل الكويت المضيء الباهر سيكون صناعة نسائية. فليقبل من يقبل وليرفض من يرفض لأن الوطن فوق الجميع.
٭٭٭
ذلك بالنسبة لي – كمواطن – يُعتبر من العلامات الايجابية لفتح وتوسعة طريق تمكين المرأة ونقل هذا التمكين من خانته – كتوصية بثتها الامم المتحدة في مؤتمر المرأة العالمي الذي عقد في الصين 1995 الى واقع الحال.
والتمكين كلمة دخلت الى لغتنا مع كلمة الشفافية وامثالها فكلما نبع على السطح وضع يحتاج للتوصيف اتبعناه بكلمة تناسبه لأن الصفة عادة تتبع الموصوف، فإن طرأ طارئ – مثلاً – أو تحدث قديم نحن نستقبله كطارئ اولا حتى نعتاده ثم نضيفه الى مخزوننا اللغوي بمسماه الجديد.
والتمكين – كما اصبحنا نعرف وتعرفون ما هو إلا عملية استنهاض لطاقات الانسان وتدريبها وتشكيلها بالتقوية العلمية حتى تصبح طاقة ايجابية تأخذ موقفها في الصدارة. وقد عرفت كل المجتمعات المتحضرة أو السائرة في طريق التحضر هذا التمكين – سبيلاً ميسوراً ونافعاً – كطريق لرسم سياسة نموها في مجال التعليم والتدريب وصولا الى التأهيل لاداء المهمة. وهو الامر المطلوب منا دينا ودنيا من اجل استمرار النهضة بالتقدم الى الامام.
ولكن، ونظرا لتفوق الذكور على الاناث بالطاقة الجسدية فقد كان يناط بهم العبء الاكبر فيما يخص مطالب الحياة العادية، واكتفت الاناث بممارسة السهل والميسور من اعمال البيت بقدر الاستطاعة المتاحة.
لكن (التعليم) الذي عمّ العالم اجمع كضرورة حياتية وكسبيل طبيعي لتحسين طرق الحياة ماديا ومعنويا.
فما ان شمل النساء حتى بدأت الموازين تتعدل وتتغير شيئاً فشيئاً مما أثر تأثيرا بالغا في خلخلة الحواجز المتوارثة ما بين مهمات الرجل ومهمات المرأة، فصارت أي تلك الحواجز تضعف شيئاً فشيئاً حتى اوشكت ان تنهار بل وانهارت في مواقع كثيرة من اجل تبادل الاثنين الرجل والمرأة لمواقعهما بناء على اختلاف القدرات وهذه لا تعرف ولا تفرق ما بين الذكر والانثى والاوطان تحتاج في بنائها للقدرات فقط بعيدا عن الذكورة والانوثة.
ولكن هل يقنع الانسان بذلك؟؟؟ هنا تتدخل المفاهيم الخاصة المتوارثة منذ القدم يرفعها بعض الضعفاء للاحساس بالقوة وينتج عن ذلك حرب للرجال على النساء باسم حماية الرجولة مرة والحفاظ على التقاليد مرة اخرى مخفين خلفهم وهناً لطاقة المواجهة للحداثة وعجزا عن قبول التحدي ورفضا للمنافسة رغم ان هذا المثلث هو المواجهة للتحدي والمنافسة هو طريق البناء الحضاري وهو حقا سحر التمكين للطرفين.
فاطمة حسين
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق