هديل الحويل: اقذفوهم ولكن.. عالياً

عندما يتداول الكويتيون عبر التطبيقات الاجتماعية صوراً فاجعة بحجة العلم, وعندما يرسلون فيديوهات لصور أناس تنزف كرامتها قبل دمها بحجة الاعتبار, وعندما يروجون لسلعة أو فكرة بينما هم يختلفون معها عن طريق نشرها واعادة نشرها هم ببساطة يحققون نتيجة عكسية تماما فيهونون من وقع الفاجعة عندما يستسهلون كمجتمع مشاهدتها وتكرار تداولها, ويحققون انتشارا أكبر وأحيانا أعمق لذات السلعة أو الفكرة التي يخالفونها.
العقلية نفسها معكوسة الهدف نجدها حاضرة في تطبيقات اجتماعية أخرى أقل حدة من غيرها واكثرها سعيا الى الترفيه عن العقل أو تتفيهه كحيلة تهرب بها عقولنا من ضغوط الحياة, إلا أنه حتى التفاهة أبى الكويتيون إلا أن يسيئوا استخدامها, وأفضل مثال على ذلك ما نجده في التطبيق الاجتماعي الأكثر شهرة وتداولا حاليا وهو “انستغرام”.
و”انستغرام” يعرف على أنه تطبيق اجتماعي أو خدمة مشاركة فوتوغرافية يمكن المشتركين به من تصوير لقطات, ومن ثم تحسينها عن طريق أدوات تعديل الصور, ومن ثم مشاركتها مع المشتركين في التطبيق نفسه أو تطبيقات اجتماعية أخرى كـ “فيس بوك” و “تويتر” ومن صفات “انستغرام” المهمة أنه يضع الصورة بحجم الصور الفورية فيحاكي ما يعرف بصور الـ “بولورويد”, وهو اختراع شركة كوداك المشهورة, وكيفن سيستروم ومايك هما اللذان اخترعا “انستغرام” في سنة ,2010 وسرعان ما حقق التطبيق انتشارا واسعا وحصل على شعبية كبيرة, وذلك وفق احصائية يناير الماضي والتي تقول ان أكثر من 100 مليون يشتركون في التطبيق, وان 90 مليوناً منهم يعدون مشتركين نشطين.
تطبيق تداول الصور هذا أخذ نسبته من النجاح في الكويت, وكما اكتسب الكثيرون شهرة على “تويتر”, استطاع الكثيرون من توظيف “انستغرام” لخدمة أعمالهم وللترويج عن مشروعاتهم كبيرة كانت أو صغيرة.
ومفتاح “انستغرام” وجماله يكمن في نقطة مهمة تغيب عن أذهان الكثيرين هي: إنك يا رجل وإنك يا امرأة غير ملزمين بما ينشره أو يعرضه غيركم من صور, فـ”انستغرام” ليس بتلفزيون يفرض نفسه عليكم بمحتواه, فأنتم في “انستغرام” تختارون أن تتابعوا فلاناً وتختارون أن ترصدوا صور فلانة, وتختارون أن تكونوا جزءا من منظومة اتصالية تحكمها صور الشخص الذي تختارون أن تتابعوه, وهنا وفي موضوع الاختيار فقط يكمن مربط فرسنا, فكيف بأناس يختارون أولا أن يتابعوا فلان إلا أنهم يشتمونه ويسبونه في شكله وهيئته وأهله وما اختاره من صور يعرضها بإرادته من نافذته الصغيرة إلى العالم?! وكيف لهم و هم يعارضونه فيما يعرض أن يختاروا الاستمرار بمتابعته فتجدونهم لا ينفكون من التعليق على ما يلصق للناس صورة وراء صورة وراء صورة, الأولى يشتم فيها, والثانية يكفر فيها, والثالثة يهدونه فيها إلى طريق الصلاح والنور, فيعودون في يوم آخر ليسبوه ويؤنبوه على عدم الاهتداء.
أنتم بمتابعتكم الحانقة والناقمة تزيدون من متابعي من تسبون وتكثرون من شعبية من تهينون وتزيدون من نجاح من ترفضون, فاستمروا أنتم بسذاجتكم في سوء استخدامكم وانسوا مبادئ الأخلاق واتركوا عنكم طيب الكلام وقللوا من احترام حريات الآخرين, وابذلوا في سعيكم الغالي واصنعوا روادا للتطبيقات الخاصة بأيديكم وابنوا قواعد جماهيرية لأناس لا ترضون عنهم يعلون على أخلاقكم وينجحون بدعاياتكم التي وإن رخصت وفرت عليهم أموالا طائلة يصرفونها بهدف أن يعلنوا عن أنفسهم, فهكذا يعرفون بكم وبفضلكم.
h_alhuwail@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.