شعرت بالأسف وأنا أستمع للمنطق العجيب الذي أتى به النائب الأسبق الدكتور حسن جوهر خلال لقائه مع قناة “الراي” قبل أيام. ومدعاة الأسف, أن الفاضل حسن جوهر يعتبر من رموز العقلانيين في البلاد, حتى وإن لم ترق لنا آراؤه ومواقفه. لذلك, فمسألة أن يكون من جملة مآخذه على مجلس الصوت الواحد, أن الاستجواب لم يعد وسيلة جاذبة لاهتمام الإعلام والجمهور, وبأن الاستجوابات الأربعة المقدمة أخيرا لم تحظ بصخب وضوضاء وضجيج كحال الاستجوابات في المجالس السابقة. فهذا لعمري, لهو ميزة للمجلس الحالي وليس مأخذا عليه. إذ لطالما بحت أصواتنا ونحن نخاطب وسائل الإعلام ونرجو رؤساء تحرير بعدم المبالغة في إبراز الاستجواب وإعطائه أكبر من حجمه حتى لا يشل البلد ويقف على رجل واحدة, بسبب أن نائبا وجه سؤالا مغلظا لوزير!
الأمر الآخر الذي لا يقل عجبا وغرابة في كلام الفاضل جوهر, هو أن النشاط السياسي انتقل من داخل مجلس الأمة الحالي إلى خارجه! وهنا لا أدري إن كان يفترض بي أن ألطم حسرة وألما أو أفرح وأبتهج لقول الدكتور جوهر. فالذي يقوله تحديدا, هو عز الطلب, وهو المسلك الصحي والصحيح الذي ما انفكت القوى السياسية تطالب فيه, فالعمل السياسي في الكويت ولسنوات خلت, صار مقصورا على البرلمان, وبسبب اختطاف أو استحواذ نوابه على هذا الدور, تلاشت أهمية مؤسسات المجتمع المدني, وتوارت الشخصيات السياسية المعتبرة من على واجهة المشهد السياسي, ما أدى إلى حدوث خلل جسيم أفقد المعادلة السياسية توازنها. لذلك, فإن كان العزيز جوهر يرى في هذا التحول سبة, فما أحلاها من سبة تلك التي وضعت الأمور في نصابها الصحيح وأعادتها إلى سياقها الطبيعي!
في تصوري, لو لم يكن الدكتور حسن جوهر مجروحا من شيء ما, لما التبس عليه الأمر, ولما تحولت مآخذه إلى مديح لمجلس الصوت الواحد. وإلى أن يعيد مشاهدة لقائه مع “الراي”, أحب أن أضيف على المزايا التي خص بها المجلس الحالي, أن مرسوم الصوت الواحد أسهم في إحداث تغييرات نوعية في العمل السياسي والبرلماني, وامتدت آثاره الإيجابية الى المجتمع والإعلام, وهنا أتمنى على المراقبين بحث ودراسة هذه المرحلة, لما فيها من تطورات تستوجب الرصد والمعاينة. وكمثال, كان يفترض أن يمثل الإعلان عن تشكيل “ائتلاف المعارضة” أكبر حدث سياسي تشهده البلاد على مدى الأشهر الأخيرة, خصوصا وإن الائتلاف ضم قادة المعارضة وقوى سياسية ومجاميع شبابية وغيرهم, ومع ذلك, لم تقم سوى صحيفة واحدة بتغطية هذا الحدث على مانشيت الصفحة الأولى.
عفوا, أعيدوا قراءة السطور الخمسة الأخيرة, لتتفكروا فيما أقصد. ففي السابق, كان تصريح عابر من مسلم البراك يحتل مانشيتات الصفحة الأولى في ست أو سبع صحف يومية, واليوم يجتمع هو والسعدون والحربش والمسلم والصواغ وبقية الشباب الطيبين للإعلان عن حدث بالغ التأثير والأهمية, ومع ذلك, لا تكترث بنشره كمانشيت على الصفحة الأولى سوى صحيفة واحدة! مجلس الصوت الواحد, يمكن وصفه مجازا, بالمجلس الذي قاد ثورة تصحيحية لكثير من المفاهيم المغلوطة التي ألفناها, إعلاميا ومجتمعيا, وأضحت عرفا نتداوله في شؤوننا العامة والسياسية, وكلها غلط في غلط في غلط… شكرا أميرنا المفدى لإنعامك علينا بمرسوم الصوت الواحد.
salehpen@hotmail.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق