اعتقد ان اشكالية القضية الاسكانية في الكويت تدور حول طول فترة الانتظار للحصول على سكن والبطء الشديد في تنفيذ مشاريع تواكب التزايد المطرد لطلبات الرعاية السكنية, ولعل اشكالية من هذا النوع تلامس الامن الاجتماعي والشعور بالطمانينة النفسية للمتقدمين بالطلبات الاسكانية, فاغلب من تقدم بطلب سكن يهدف بشكل او باخر الى الشعور اخيرا بالاستقرار الاسري, فامتلاك منزل خاص يرمز ويعني في ان واحد الشعور بالثقة بالنفس بالنسبة الى اولياء الامور وتمتع ابنائهم واسرهم بالامن النفسي, فمن يسكن في شقة او بيت مؤجر يختلف وضعه الاسري والاجتماعي عمن يسكن في سكنه الخاص. ولكن ثمة معضلات حقيقية تزيد من وطاة القضية الاسكانية في الكويت, ومعالجتها ربما ستخفف من الشعور بالحنق والملل بينما تواصل الحكومة وعودها بتوزيع عدد معين من الوحدات السكنية تبدو انها لا تغطي النسبة الاكبر من الطلبات الاسكانية المتزايدة يوما بعد يوم. على سبيل المثال, تمنع قوانين الرعاية السكنية تاجير كامل العقار الذي استلمه المواطن “البيت الحكومي” ولا يزال يدفع اقساطه, كما تمنع تلك القوانين تاجير كامل “القسيمة” والتي لا تزال مطلوبة لبنك التسليف. ولكن في الواقع, تستمر ظاهرة تاجير البيوت والقسائم بالكامل مما يطرح اشكالية اخرى: كيفية مساواة حق الحصول على الرعاية السكنية بين ما يحتاجون فعلا الى الحصول على سكن يضمهم واسرهم, وبين اولئك الذي يستثمرون السكن الخاص وكانهم يملكون الحق القانوني في عمل ذلك !
ويمكن التغاضي مثلا عن تلك الحالات الخاصة عندما يؤجر احد من حصلوا على حق الرعاية السكنية جزءا من العقار كشقة او عدد من الشقق ويسكن في باقي المنزل. ولكن ما الذي يمنح الحق بتاجير كامل العقار المطلوب لحضانة اطفال او لمبرة غير مرخصة او لمركز دروس تقوية, بينما يسكن صاحب التخصيص في شقة مؤجرة, او يعيش في دولة اخرى, او يسكن عند احد والديه اوعند اقربائه?! اضافة الى ذلك, من المفترض ان البيوت الموزعة على المواطنين مملوكة جزئيا للمؤسسة, ولبنك التسليف, وليس مسموحا بتاجيرها للجان الخيرية او للحضانات او للمراكز التعليمية الخاصة. بل ان تاجير السكن الخاص المطلوب للمؤسسة العامة للرعاية السكنية او لبيت التسليف يؤثر سلبيا في التركيبة السكانية, فالسكن الحكومي والقسائم من المفترض ان تسكنها اسر كويتية تتشارك بالهوية الوطنية الواحدة, وتمارس اساليب حياة كويتية متشابهة تكرس وحدة اجتماعية فريدة. فلعل وعسى.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق