في سنة 1994 صدر كتاب: «من ديان بيان فو إلى الكويت» للجنرال موريس شميت رئيس هيئة اركان القوات المسلحة الفرنسية، وقائد القوة العسكرية الفرنسية المشاركة في تحرير الكويت الكتاب ترجمة الاستاذ رعد الطايع الى العربية.. ومما قاله الجنرال موريس شمت في الفصل السابع.. لماذا حرب الخليج؟ قال في مقدمة الفصل: «تظل دائماً، وأكثر من اي يوم مضى»، معرفة من يسيطر على من في الخليج وفي الشرق الأوسط عامة، وما هي المفاتيح التي يسمح بمعرفتها، ومن المسيطر على من في العالم» ريتشارد نيكسون 1980.
ويقول المؤلف شميت بعد ذلك: ان الجواب الذي يفرض نفسه هو التالي: لقد بدأت الحرب في 2 اغسطس 1990 حيث هاجم العراق الكويت وينبغي الا ننسى ذلك، مع مضي الوقت مع المناورات الاعلامية، التي تجد لها ارضا خصبة في البلاد التي لا يملك فيها الناس حرية التعبير، في بلاد أخرى حيث تقود امبريالية ثقافية الى تحليل موجه مسبقاً للقضايا الكبرى الدولية.. ولا تندر الأمثلة على المحاولات من هذا القبيل.
هكذا كان الأمر في الولايات المتحدة الأمريكية في أواخر الستينيات حين قام سلاح الجو الأمريكي بمهاجمة قواعد فيتنام الشمالية وقواتها، التي كانت احتلت قسماً هاماً من كامبودجيا قبل عدة سنوات.. ومرت عشر سنوات حتى اكتشفت الصحافية الأمريكية من هو المعتدي، وكان ذلك في أواخر أعوام السبعينيات فقط حين امكنني – والحديث للجنرال موريس شمت – الاطلاع على صحيفة النيويورك تايمز على مايلي: «ان الولايات المتحدة الأمريكية لم تكن شرسة حين قصفت كامبودجيا. بالعكس فاننا نعلم الآن اننا قصفنا معتدياً يعمل على تخريب البلد ان تركناه .. المواطن الأمريكي محاصر بشباك اعلامية اذاعية وتلفزيونية فلا يسأل عن الذي يحدث خارج محيطه خاصة في زمن لم تكن فيه الفضائيات العالمية ولا الكمبيوتر الكاشف لكل الاسرار.. ولا يسأل الجندي او الضابط الأمريكي لماذا يقاد الى عبر المحيطات لأكثر من عشرة آلاف كيلومتر ليقصف ويدمر في حرب لا ناقة لها فيه ولا جمل.. الوحيد الذي اعترض وقال لماذا نذهب الى اقصى الدنيا لنحارب فيتنام في اتون المعارك، ورفض ان يذهب الى القتال فغُرّم وسجن واتهم بالخيانة.
٭٭٭
وكما قال ملك بصير بالأمور (الدين باز من صاده قنص فيه) وكما انتزعت باكستان من الهند بحجة الدين، انتزعت فلسطين من العرب بحجة الدين، عندها الكل يقف صامتاً لا يحرك ساكنا، لا قصائد محمد اقبال ولا الدين الذي يعتنقه بل ارادة الانجليز ذات الصولات والقوة الحربية والاعلامية، ذهبت اذن باكستان وتبعتها بنغلادش باسم الدين فتخلفتا عن الحضارة وتقدمت الهند العلمانية وهي الآن اكثر من يصنع الكمبيوتر في العالم وكذلك السيارات والمواد الغذائية.. ولا تتقدم دولة ابدا بسياسة دينية.
٭٭٭
نعود مع تحذير الجنرال موريش شمت في عبارته «لكي لا ننسى كارثة احتلال الكويت، مع مضي الوقت مع المناورات الاعلامية».. بدأ النسيان يدب حتى في الاعلام الكويتي فتحولت صيغ الحادثة من الاحتلال العراقي، واحتلال الجيش العراقي الى (الاحتلال الصدامي) هكذا امر الاعلام لكي يغير لهجة الغضب الى عبارات هينة لينة..
بينما نقول احتلت ألمانيا دولاً في الحرب العالمية الثانية، واحتلت بريطانيا الهند وأمركيا وكندا ودولاً في الشرق الأوسط.. اذن احتلال العراق للكويت ليس لذلك تعبير آخر من تحويل ارادة الشعب العراقي واكتساح جيوشه وسرقة كل شيء ونهبه البلاد الى تسمية الكارثة باسم شخص واحد.. حتى اخذ الشعب العراقي يردد في اعلامه ان الكارثة من صنع فرد واحد وقد مضى ورحل.. هذا ما قاله الجنرال موريس شمت، ان كارثة الكويت سوف تتلاعب بها المناورات الاعلامية، وما تقوده الامبريالية الثقافية، والثقافة علوم واحداث سالمة ومحاربة ومخادعة وشرسة محطمة ومظالم واهواء مختلفة.
عبدالله خلف
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق