مجلس الأمة السابق، والمجالس التي سبقته، تميزت بكثرة وحدة الاستجوابات التي ليس لها معنى. طبعاً، برع في ذلك النائب مسلم البراك، الذي كانت لديه قدرة عجيبة على التنبيش في الملفات القديمة، واستحضار ما عفا عليه الزمن وأكل الدهر عليه وشرب. لا يأتي، خصوصاً وزير مالية، إلا والنائب البراك جاهز، ولديه كما يعلن في العادة ألف مستمسك ومستمسك عليه، يستجوبه ويقض مضجعه بسببها. وأحد في الواقع من جمهور حماية المال العام ومغفلي الحركة الشعبية لم يتساءل عن سبب «تقسيط» هذه الاستجوابات. وعن الحكمة في طرحها أو تناولها مثل العنب «حبة حبة». لماذا لا تكون «همجة» أو عنقود استجوابات مرة واحدة ونخلص، بدلاً من هذا التفرد الذي يستهلك وزراء المالية والحكومة والبلد على لا شيء.
من اللاشيء كان استجواب محمود النوري، لأنه أحضر أو هرّب قبل أن يصبح وزيراً، آثاراً مصرية، ومن اللاشيء كان استجواب عادل الصبيح لأن شركة أهله وعائلة الصبيح بكبرها تعاملت مع الحكومة بخمسة وثلاثين ألف دينار تم من خلالها إهدار طبق النائب البراك المفضل «المال العام»، علماً بأن النائب البراك لم يشر إلى نسبة ربح أو – من باب الأمانة – حتى خسارة الوزير عادل الصبيح من جراء هذا التعامل. فالخمسة والثلاثون ألفاً كانت مقدار العقد.. وقد يكون الوزير الصبيح وعائلته معه ربحوا ظلماً وعدواناً ألفا أو ألفي دينار وقد يكونون، أيضاً، خسروا نتيحة هذا التعامل، إذ بنى النائب البراك استجوابه على التعامل باعتباره مخالفة للمادة 131 من الدستور، ولم يثبت أو حتى يشر إلى استحواذ الوزير الصبيح أو عائلته على أي مبلغ من دون وجه حق.
هذه الأيام هناك من يقلّد النائب البراك، وكان أسلوبه ناجحاً، وكان تاريخه الاستجوابي قدوة ومثالاً يجب أن يحتذيا. مثل ما استجوب البراك لأن هيئة الاستثمار كانت لديها شركات لديها حصة في شركة كانت لديها أسهم في شركة داخلة في شراكة في «كازينو لبنان»، وهذا حرام حسب حجي البراك، هذه حجي من حاج وليست حجي من حجا، مع أن الاثنتين تركبان. فإن البعض قد شمّر عن ساعده هذه الأيام ويريد أن يستجوب لأن شركة النفط لديها شركة كانت مملوكة لشركة كان لديها شراكة مع شركة بلجيكية لديها شركة مشتركة في شراكة مع شركة كانت لديها حصة في شركة تكساكو التي اشترت أسهماً مشتركة مع شركة لديها شراكة مع شركة تشارك بها شركة إسرائيلية. يا خال ابوي حك… ماني قايل.
أنت لو نظرت إلى نظام المال والأعمال في العالم، فهو كله مملوك ليهود أو مثل شركة نفطنا المشتركة «تبون أعيد سالفة الشراكة والا ما عندكم وقت»، كلها متشاركة مع شركات تشارك بها إسرائيل وغير إسرائيل. بل ليس في إمكانك الاستثمار في الغرب من دون أن يكون لك علاقة بربا أو خمر أو لحم خنزير أو يهود أو إسرائيل. ثم ماذا يعني الشراكة مع إسرائيل… وخير يا طير؟ ترى الناس ملت من سالفة فلسطين وطلابة فلسطين. الفلسطينيون أنفسهم تصالحوا أو يسعون إلى التصالح مع إسرائيل أو مع أبناء عمهم وعمنا اليهود.. مجلس أمة الكويت ما دخله في الموضوع؟
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق