شكلت العلاقات الكويتية الروسية نموذجا ناجحا لعلاقات الدول التي تقوم على اساس مبادئ التكافؤ والاحترام المتبادل بغض النظر عن المساحة وعدد السكان والموقع الجغرافي.
وبادرت دولة الكويت قبل 50 عاما بكسر الحواجز السياسية والنفسية من خلال اقامة علاقات ديبلوماسية مع موسكو لتكون بذلك اول دولة في منطقة الخليج العربي تقيم علاقات مع الاتحاد السوفياتي السابق متجاوزة عقدة الشيوعية والماركسية السائدة في ذلك الحين في المعسكر الشرقي.
وتعود العلاقات الكويتية الروسية بجذورها الى نهاية القرن ال19 عندما قامت عدة سفن روسية ابرزها الطراد (فارياغ) بزيارة للموانئ الكويتية في عام 1901 والباخرة (كورنيلوف) في عام 1902.
وتوجت العلاقات الثنائية باقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين في عام 1963 وتوقيع اول اتفاقية للتعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين في نوفمبر عام 1964 خلال زيارة المغفور له سمو الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح عندما كان وقتها وزيرا للمالية والصناعة والبترول.
وارتبط الجانبان بعشرات الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية ابرزها اتفاقية التعاون الفني والاقتصادي عام 1965 واتفاقية سفن صيد الاسماك في عام 1966 واتفاقية التعاون الثقافي لعام 1979 وبروتوكول التبادل الاعلامي لعام 1979 واتفاقية القرض الميسر للاتحاد السوفياتي في عام 1991 والاتفاقية الامنية في عام 1993 اضافة الى اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمارات وتلافي الازدواج الضريبي التي وقعت خلال زيارة رئيس الحكومة الروسية الراحل فيكتور تشيرنومردين في عام 1994.
ووقع الجانبان كذلك اتفاقية للتعاون بين ديوان المحاسبة في الكويت وغرفة المحاسبة الروسية عام 2001 وانتهت مباحثات مطولة حول القرض الكويتي للاتحاد السوفياتي باتفاقية لتسوية هذه المديونية في عام 2006 .
وعقدت اللجنة الحكومية الثنائية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والتقني التي شكلها الجانبان جلساتها في كل من موسكو والكويت فيما وافق صندوق التنمية الكويتي على توقيع اتفاقية لتحديث ميناء (مورمانسك) البحري بقيمة 20 مليون دولار في عام 1997.
ويراهن الجانبان على الدور الذي يمكن ان يلعبه مجلس رجال الاعمال الكويتي الروسي في تطوير الروابط التجارية والاقتصادية بين الجانبين وانخراط القطاع الخاص في تطوير هذه الروابط.
وابرز الخبير الروسي في الشؤون الكويتية المحاضر في معهد اسيا وافريقيا التابع لجامعة موسكو البروفيسور فلاديمير ايسايف في تصريح ادلى به بهذه المناسبة لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان العلاقات الكويتية الروسية تميزت على الدوام بالتوازن والاحترام المتبادل مؤكدا ان الاتحاد السوفياتي ورغم اختلاف النظام السياسي والاجتماعي مع الكويت في ذلك الحين لم يحاول ان يتدخل بتا في الشؤون الداخلية الكويتية.
واشار ايسايف الى ان علاقة الاحترام والحرص المتبادل تجلت عندما هبت الكويت لمساعدة موسكو بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في بداية التسعينات وقدمت قرضا ميسرا ومساعدات انسانية لروسيا.
وشدد على ان موسكو لم تتوان هي الاخرى في دعم استقلال الكويت والذود عن سيادتها عندما داهمها الغزو العراقي في اغسطس عام 1990 معيدا الى الاذهان ان روسيا لم تؤيد فقط بل شاركت في صياغة جميع القرارات الدولية ذات الصلة بتحرير دولة الكويت.
واكد ايسايف تميز الحوار السياسي بين روسيا والكويت “بالاستمرارية والصراحة” حتى وان اختلفت رؤية الجانبين لبعض التطورات الاقليمية او الدولية.
وقال ان روسيا مهتمة بمواصلة التشاور والتنسيق مع الكويت حول اسعار النفط في الاسواق العالمية وتطوير التعاون البنكي والاستفادة من الخبرات المالية والمصرفية للكويت خاصة وان روسيا تملك مخزونا لا يستهان به من الذهب والعملات الصعبة يقدر بحوالي 600 مليار دولار.
من جهته قال كبير الباحثين في مركز الدراسات العربية والاسلامية والخبير في الشؤون الكويتية الدكتور الكسندر فيلونيك في تصريح مماثل ل(كونا) ان تعامل الاتحاد السوفياتي ووريثته روسيا مع الكويت على الدوام بوصفها شريكا استراتيجيا هاما.
واضاف فيلونيك ان انهيار الاتحاد السوفياتي اسقط العقبة الايدولوجية التي كانت تعيق تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الكويت.
واشار الى ان المجال مفتوح حاليا امام تطوير العلاقات الاستثمارية وبدء التعاون في مجال الفضاء والطاقة النووية وانخراط الاستثمارات الكويتية للعمل في اطار المشروع الاولمبي الضخم في مدينة (سوتشي) التي تستعد لاستقبال دورة الالعاب الاولمبية العام المقبل.
واكد وجود اهتمام روسي للمشاركة في تنفيذ مشاريع تتعلق بالبنية التحتية في الكويت وتحلية المياه وحتى الطاقة الكهربائية.
ويجزم الخبيران الروسيان بوجود افاق واسعة لتطوير العلاقات الروسية الكويتية في مختلف المجالات والارتقاء بالروابط التجارية والاقتصادية الى مستوى العلاقات السياسية.
قم بكتابة اول تعليق