التيارات السياسية في البلاد، هي في حقيقة الأمر قوائم انتخابية، الأمر الذي يضعف من أدائها، ويمنع تطوير المشهد السياسي، وخصوصا مع وجود دستور لم يفعل من مواده سوى نصفها، أما بقية المواد، فهي تنتظر أن يكون هناك تفعيل لها، حتى يمكن التخلص من أجواء التأزيم السابقة، وتجاوز آثارها نحو آفاق أوسع بكثير مما تمر به البلاد، وربما تكون حالة التردي الحالية مدخلا لإعادة إصلاح أوضاع تلك التيارات، وبالتبعية تطوير المشهد السياسي.
هناك خمس شرائح سياسية يمكن المراهنة عليها في المرحلة المقبلة، وهو تعبير حقيقي عن حراك داخلي، أبرزها شريحة التجار التقليديين، ويمكن الإشارة إلى الواجهة السياسية التي تنضوي تحتها، وهي التحالف الوطني الديمقراطي، وهو امتداد للأسرة الاقتصادية ما قبل إقرار الدستور الحالي، وهناك أيضا تيار الإخوان المسلمين، وأقرب ما يمثله الحركة الدستورية الإسلامية، بالإضافة إلى تيار السلف وجناحه السياسي التجمع الإسلامي السلفي.
هناك التيار الإسلامي الشيعي، ويمثله التحالف الإسلامي الوطني، بالإضافة إلى التيار الليبرالي بجميع تفريعاته وتناقضاته، ويمثله المنبر الديمقراطي. وكل التجارب الأخرى غير تلك الشرائح لم تتمكن من العيش فترة أطول من ذكرى تأسيسها الأولى، ما يعني أنها شرائح مفتعلة وغير قابلة للحياة، مهما وضعها القائمون عليها في غرفة الإنعاش، فمصيرها الاضمحلال والذبول، لأنها ليست تعبيرا عن حاجة حقيقية، ويفترض بها عدم المكابرة، وبعضها نتوءات ظهرت في فترة ضعف بعض تلك الشرائح السياسية، وعجزها عن التعبير عن بعض قطاعات الشعب الكويتي.
تلك الشرائح السياسية عليها استحقاق يتضمن وضع معايير جديدة للعمل السياسي داخلها، وفي ما بينها، وخصوصا مع إقرار مرسوم الصوت الواحد من البرلمان، وفق ما تقتضي المادة 71 من الدستور، لكي تستفيد كوادرها أولا، وتستفيد بقية قطاعات المواطنين من الجهد التنظيمي الذي تعمل عليه تلك الشرائح السياسية، فالساحة لم تعد قادرة على تحمل أي أعباء جديدة لهواة السياسة وبعض أصحاب الفكر الجامد العقيم، ممن دأبوا على تفسير الأحداث المحلية تفسيرا تآمريا.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق