مهما قيل عن تاريخ محمد الجويهل أو سلوكياته أو أسلوبه فإن الجويهل في حقيقة الأمر لا يمثل نفسه فقط وإنما يمثل شريحة في المجتمع، محمد الجويهل لم يعد ذلك الشخص الذي يخرج على قناة السور في برنامج السراية ليهاجم ما يسميهم «الطراثيث» ويقصد بهم مزدوجي الجنسية حتى يقال إنه يتصرف بشكل فردي، وإنما هو الآن عضو في مجلس الأمة، وهو لم ينزل على مجلس الأمة ببراشوت، فهناك الآلاف من الناخبين الكويتيين الذين صوتوا له وأوصلوه إلى قاعة عبدالله السالم ليمثلهم، ومعلوم أنه ليس للجويهل من آراء سياسية سوى قضية «المزدوجين» التي يحمل لواءها منفرداً، وبالتالي فإن من انتخب الجويهل لم ينتخبه إلا لأنه يتفق مع موقفه من هذه القضية.
لنكن أكثر صراحة ونقول إن الجويهل يقول «اللي مو قادر يقوله غيره»، وهو يعبر فيما يطرحه عن شرائح في المجتمع تتوجس خيفة من تصاعد وتزايد قوة أبناء القبائل، ولذا رفع الجويهل لواء «ازدواجية الجنسية» لأنها نقطة الضعف الكبيرة لدى أبناء القبائل، فهناك كلام كثير عن أن عدد المزدوجين يتجاوز مئة ألف على أقل تقدير، ولذا فإن إثارة قضية الازدواجية تأتي من باب الضغط على أبناء القبائل للحد من اندفاعتهم «ومسكهم من إيدهم اللي تعورهم»، ولهذا وجدنا ردة الفعل العنيفة من قبل نواب القبائل على رفع الجويهل لافتة «الكويت للكويتيين» في جلسة الاستجواب أمس.
بالتأكيد إن الجويهل ليس وحده في إثارة قضية المزدوجين، فمن يستطيع الحصول على وثائق وكشوف ومستندات رسمية لا يمكن أن يعمل وحده، بل هناك أطراف نافذة في السلطة تزوده بذلك وتدعم ما يقـوم به.
علينا أن نشخص الداء أولا ثم نفكر بعد ذلك في إيجاد الدواء، التشخيص في هذا الموضوع يؤدي إلى نتيجة مفادها أن إثارة قضية المزدوجين ليست سوى واجهة لأزمة مجتمعية حادة بين الحضر والبدو، وما حدث في جلسة الاستجواب أمس من صخب وسباب وتشابك بالأيدي بين النواب، وما صدر من تصرفات من قبل بعض الجمهور ما هو إلا تعبير عن عمق هذه الأزمة. حتى لا تكون القضية المحورية هي الجويهل وتصرفاته نقول: اتركوا عنكم الجويهل وركزوا على عمق الأزمة وكيفية معالجتها.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق