خالد الجنفاوي: حرية مُعارضة المُعارضة

يطلق عليها البعض “الحرية” الديمقراطية وفي بعض الأحيان ربما تعني للبعض “الاستقلالية,” وهي عموماً مصطلح غربي بحت لا يبدو أن له جذوراً تاريخية راسخة في بعض العقول الشرقية. ولست هنا بصدد مناقشة تاريخ مفهوم “الحرية” الغربية بتفرعاته الفكرية والتطبيقية “الناضجة” والعملية في الثقافات الغربية المختلفة, ولكن سأحاول أن ألقي الضوء على إشكالية وغموض متكرر يغلف جانباً معيناً في مفهوم الحرية في الكويت, وخصوصا عند بعض المعارضين المزعومين ! إذ ينبري بعض هؤلاء المعارضين المتعنتتن في الدفاع عن ما يطلقون عليه “الحرية” كما تطرحها تكتلاتهم الفكرية والقبلية والطائفية والطبقية “المعارضة”: فالحرية بالنسبة إلى البعض تعني أشياء محددة تخصهم هم فقط دون الآخرين. وليست الحرية بمعناها الديمقراطي المتعارف عليه في عالمنا المعاصر.
الحرية عند بعض الاستحواذيين والاقصائيين لا تعني مثلاً حرية الفرد في الاندماج الاجتماعي في نسيجه الوطني, أو الحرية مثلاً في الالتزام بهوية ثقافية وطنية خاصة, أو الحرية مثلاً في الولاء للثوابت الوطنية الكويتية المشتركة. ولا تعني الحرية بالنسبة لمعارضة تحاول أخذ دور أكبر من حجمها الحقيقي, الحرية في عدم الانضمام قسراً لأي من المعسكرات الفكرية المتواجدة في الساحة المحلية. ولكن هؤلاء الاقصائيين يعنون حرية “سوبر” كاملة المواصفات, من نوع خاص جداً, تبرق وتشع في عيونهم وليس في عيون الآخرين المختلفين معهم! فضحايا حرية المعارضة يتم تصويرهم غالباً على أنهم “أعداء الحرية” كيف ما كانت طبيعة هذه الأخيرة ! الحرية عندما تتحول إلى حظوة وتصنيفات أو امتيازات اجتماعية وفكرية معينة وفرز مقيت لصفات معينة يجب أن يتمتع بها الفرد لكي يصبح “حرا” فهي ليست بحرية ولا من يحزنون لكنها “عبودية” لأصنام فكرية خلقتها أيادي البعض.
أنت حر ومعارض حقاً بقدر ما ستسمح للآخرين بأن يكونوا أحراراً ومعارضين لمعارضتك وفق رغبتهم. وسواء مارس هؤلاء حريتهم بطريقة لا تعجبك أو لا تتفق مع ما تظنه أنت حرية حقيقية فما داموا لا يطأون حريتك الشخصية فليس لك الحق في فرض نسختك الخاصة والمكيفة حول الحرية عليهم! فإذا أنت حاولت أن تفرض الحرية من وجهة نظرك فأنت لا تمارس الحرية لكنك تحاول فرض عبودية صنعها فكر معارض معوج ومتناقض !
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.