عزيزة المفرج: كفاية، غيروا الراس

كلما قرأت عن شاب مات بجرعة مخدرات زائدة، ووجد ملقى في غرفته، أو داخل دورة مياه، أو بقرب مستشفى، أو الى جوار صندوق قمامة ازداد يقيني بعدم كفاءة من أوكل لهم هذا الملف الخطير، واختيروا ليديروا دفة مكان أنشئ، وخصص له ملايين الدنانير من أجل مكافحة تلك الآفة الفتاكة، وانقاذ أبناء الكويت منها بالوقاية أولا، والعلاج ثانيا.هذا الفشل الذريع للهيئة يتضح برقم الضحايا الذي كان 400 في 2011 وأصبح 800 عام 2012 بزيادة مقدارها %100، فيا له من فشل، وآه يا قهر قلبي، ويا ألف خسارة على ما يصرف عليها من أموال.ضحايا المخدرات هؤلاء وأغلبهم من الشباب وصغار السن، كان يمكن ان يكونوا مواطنين صالحين، منتجين، لو لم يوقعهم حظهم العاثر في براثن تلك السموم التي سلبت منهم صحتهم وشبابهم، وسرقت منهم أموالهم واستقرارهم، وأكلت منهم طموحهم وأحلامهم، وفي النهاية أخذت منهم مستقبلهم، وانتهى كل شيء بالقضاء على حياتهم الغالية، وتحولوا الى جروح غائرة في قلوب أهلهم وأحبابهم وأصدقائهم.هيئة وظيفتها مكافحة المخدرات، ورعاية المدمنين، تحصل على ملايين الدنانير من أجل تحقيق تلك الأهداف، ومع ذلك فشلت فشلا كبيرا في مهمتها، وما فتئت تبرهن، يوما بعد آخر، على أنها أقل من مستوى الطموحات بكثير، ولم يكن ذلك الا لعدم توفر الجديّة والحرص عند قيادتها التي غدت مرضا مزمنا أضعف عزيمتها، وأوهن همتها.أموال الهيئة الكثيرة ذهبت رواتب ومكافآت وترضيات وخدمات للبعض، قيادة وموظفين، مواطنين ووافدين، بلا فايدة ولا عايدة، بدلا من ان تذهب لتشييد وبناء مركز طبي متقدم تنحصر وظيفته في علاج وتأهيل مدمني المخدرات، خاصة ان هناك أرضا جاهزة تبرع بها لهذا الغرض أحد الخيرين من أهل الكويت، وكان ذلك من سنوات طويلة.الحكومة ساهمت بذلك الفشل أيضا لأنها تقاعست عن عقاب مهربي المخدرات العفنين، وتجاوزت عن تعليقهم على حبال المشانق، فيخاف غيرهم، ويهاب، ولا يجازف بحياته وعمره في سبيل ادخال موادّ مخدرة لكي يبيعها على الشباب الكويتي، وها هي تجارة وتهريب المخدرات تزدهر عندنا، وتنمو، وها هي تتحول الى مباراة حامية الوطيس لا يتردد في المشاركة فيها الوافد وابن البلد، الوضيع والرفيع، بعد ان ضمنوا ان أقصى ما يطولهم من عقاب هو السجن الذي لا يمنعهم من ممارسة تجارتهم المثمرة فيه.بلدنا فشلت في محاربة المخدرات، والسبب في ذلك تعاميها عن رؤية المتسبب الرئيسي في ذلك، وعجزها عن التخلص منه، واستبداله بغيره.بلدنا فشلت لأنها وضعت الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب، وتركته بلا متابعة أو مساءلة، فاطمأن لوضعه وتمادى في فساده.بلدنا فشلت لأنها لم تختر القوي الأمين، الذي يستطيع ان يحقق ما عجز عن تحقيقه سواه، وبالتالي، كان من الطبيعي ان نغرق أكثر.

عزيزة المفرج
almufarej@alwatan.com
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.